إن القرار الذي اتخذه ولي ولي العهد ووزير الدفاع بخصوص تأسيس صندوق سيادي قيمته 2 تريليون دولار جاء مواكباً لوقائع أحداث الظروف الآنية. والصندوق السيادي عادة ما يتكون من الأموال المتأتية من احتياطيات فائض وزارة المالية خلال عدة سنوات سواءً من السيولة النقدية أو أصول أخرى، وتستخدم عادة لغرض استثمارها أو جزء منها لتعزيز متانة الاقتصاد المحلي الذي بالطبع تعود فائدته لرفاهية المواطنين. ولقد اتخذ سموه القرار بناءً على متابعاته واطلاعه لما يحدث من تطورات في الساحة الاقتصادية على مستوى المنطقة والعالم. على سبيل المثال نجد أن بعض الدول في منظمة الأوبك مثل إيران، والتي هي خارج المنظمة مثل روسيا يرفضون الاتفاق على اتباع سياسة موحدة بالنسبة لتثبيت الطاقة الإنتاجية للتعامل مع معطيات السوق النفطية الحالية، خاصةً وأن أسعار النفط منذ سنتين تذبذبت عند أدنى مستوياتها، حيث يوم الجمعة أول أبريل سجل سعر النفط الأميركي هبوطاً بنسبة 4.1 % كما أن سعر نفط برنت هبط بنسبة 4.00 %. وأيضاً في اليوم نفسه في الولاياتالمتحدة قد تم إغلاق 14 منصة لحفريات النفط والغاز نظراً لانخفاض طاقتها الإنتاجية لتصل لأدنى مستوياتها منذ عام 1940. هذا بالإضافة إلى أن أسعار الذهب قد تراجعت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. إن متابعة سموه لهذه التطورات وحرصاً منه على تعزيز قوة اقتصاد المملكة لاجتياز هذه المرحلة العصيبة وذلك من خلال تصريحه الذي مفاده "نُخطط لتأسيس صندوق سيادي تريليوني دولار لمرحلة ما بعد النفط". ومن ضمن تصريحات سموه الهامة لشبكة بلومبرج الإخبارية "أنه ينبغي توزيع الاستثمارات خلال العشرين عاما القادمة وأن اقتصاد المملكة سيشهد تحولاً عن اعتماده على النفط". إن التصريحات الهامة والتفاؤلية لسموه دعمها بخطط إستراتيجية استثمارية مجزية وضخمة. ومن أهم توجهات سموه نحو هذه الإستراتيجة التي سيتم توجيهها لتفعيل الصندوق السيادي وتنشيط الاقتصاد هي: طرح 5 % من شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام في سوق الأوراق المالية خلال السنتين القادمتين، ونظراً لأن شركة أرامكو تعتبر أكبر شركة نفط في العالم، فإن هذه النسبة تقدر بمبلغ وقدره [500] مليار دولار. إن ضخ هذا المبلغ الضخم لسوق الأسهم المحلي يجعله في مصاف أسواق الأوراق العالمية الكبرى. وأما بالنسبة لمبلغ ال2 تريليون دولار وحسب تصريح سموه فإنه سيكون بالإمكان شراء أكبر 4 شركات في سوق الأوراق العالمية مثل شركة جوجل وشركة أبل وشركة مايكروسوفت وشركة بيركشاير هاثاواي. إن هذه النظرة الثاقبة للتوجهات الإستراتيجية الاستثمارية القوية لسموه ستحدث نقلة نوعية غير مسبوقة لاقتصادنا المحلي حيث سيتم تنويع مصادر الدخل، وقد يصبح لدينا مصادر دخل ضخمة من هذا التنوع لدرجة أنه ربما خلال السنوات القادمة ستشكل إيرادات النفط ما بين 30 - 40 % بينما إيرادات الاستثمارات الجديدة ستشكل ما بين 60 - 70 % من إجمالي الناتج المحلي.