بعض القصص قد تلخص لك مفهوما من مفاهيم الحياة، وتجعلك تتخذه مبدأ تسير وفقه، فقصص الآخرين توفر عليك عناء التجربة، والفطن من يتعظ بغيره ويستفيد من دروس المجربين، مع الوضع في عين الاعتبار أنه ليست كل تجربة صالحة لك لاختلاف الظروف والزمان والمكان، ولكن قصة سكان روزيتو بالتأكيد ستعلمنا جميعاً درساً مهماً قد يجعلنا نعيد صياغة حياتنا. روزيتو بلدة تقع بالقرب من روما عاصمة إيطاليا، هاجر الآلاف منهم إلى بنسلفانيا وكونوا لهم مجتمعهم الخاص المنعزل، وأطلقوا على المنطقة روزيتو على اسم مسقط رأسهم، اخترق الطبيب وولف عزلتهم حين قدم إلى بنسلفانيا والتقى أحد زملائه، كان طبيب قلب، ودار حديث بينهما أخبر وولف خلاله بأنه عمل لمدة سبعة عشر عاما طبياً في المنطقة ولم يزر عيادته أي من سكان روزيتو. هنا بدأ فضول وولف لمعرفة سر صحة قلوب سكان روزيتو، فكوّن طاقم بحث وكانت نوعية الغذاء في أول قائمة البحث، اعتقد وولف أن الغذاء الصحي قد يكون سبب تميز الروزيتويين بصحة القلب عن بقية سكان أميركا، ولكن سرعان ما اكتشف خطأه، حيث كان غذاؤهم يعتمد على المعجنات والسمن والببروني والحلويات، إضافة إلى أنهم كانوا يعانون من السمنة ويدخنون كثيراً ولم يكونوا يمارسون أي نوع من الرياضة، فظن وولف أن المسألة قد تكون متعلقة بالجينات إذًا، ولكن حين تتبع أقارب الروزيتويين الذين يعيشون بشكل متفرق في أنحاء الولاياتالمتحدة، لم يكونوا يتمتعون بنفس الصحة، هنا ازدادت حيرة وولف وتأكد أن السر يكمن في منطقة روزيتو نفسها، وقرر أن يسير في طرقاتها، فرأى كيف يجلس سكانها في البلكونات ويتحدثون إلى بعضهم بعضاً ويتبادل الجيران الطبخات، ولاحظ أن العائلات الممتدة هي أساس البنية الاجتماعية، فثلاثة أجيال يعيشون تحت سقف واحد يدعمون بعضهم بعضاً لمواجهة صعوبات الحياة، ولفت نظره روح المساواة، فالثري لا يتباهى بثرائه ويدعم غير الناجحين، حينها اكتشف أن السر ليس في النظام الغذائي ولا الجينات، وإنما العيش وسط محيط محب وإيجابي وداعم، ولا يعني ذلك عدم جدوى الممارسات الصحية، لكنها تأتي في المرتبة الثانية. الوحدة قاتلة، والأسوأ أن تعيش في محيط يقتل كل الأشياء الجميلة في داخلك من ضمنها قلبك، اخرج من عزلتك واختر بعناية من تحيط نفسك بهم، فالحياة مليئة بالأشخاص الطيبين والإيجابيين والمحبين، واعمل بلوك لكل من يتعب قلبك في الحياة الواقعية أو في السوشال ميديا.