هناك بعض الأسرار الجديدة لنظام الصيام مع علاقته بالعضوية وتأثيره حتى على ثبات النظام الجيني في الخلية، فقد كان معروفا للأطباء أن الجروح النفسية تترك ندباتها، كما هو الحال في الجروح العضوية، ولكن العقيدة الطبية كانت في اتجاه ثبات المادة الجينية في المورثات، أن لا يد تطولها، فثبت من هذه أبحاث جديدة أنه يمكن أن تتغير مع المحيط ومؤثراته، والتربية ومصاعبها، فتترك خطوطا لا تمحى مع الزمن، بل ويمكن نقلها وراثيا للأجيال من بعد؟ ومن هذه الأبحاث الجديدة التي رأت النور نشأ علم جديد يمكن أن يترجم بعنوان (مؤثرات التغيير الجيني الكسبي Epigenetic). حيث يمكن بواسطة مجموعات المتيلين التحكم في الجين إغلاقا وتشغيلا مثل مفصلة الباب غلقا وفتحا؟ وهذا العلم يفتح الباب كذلك لدمج العلوم الروحية والطبيعية سوية؛ فيمكن أن نصغي للحديث المتبادل بين الروح والجسم، أو على الأقل هكذا يطمع الجيل الجديد من أطباء مك جيل؟ كذلك فهذا يقود إلى فهم علاقة الخبرات ومؤثرات الثقافة على المستوى العضوي، ومنها مثلا الصيام، حيث يتم فتح الباب للأخلاق من زاوية البيولوجيا، هجوما على البدن بتجويعه، فيقول القرآن عن الصيام البدني: لعلكم تتقون وهي حصيلة روحية؟! ونظرا لأن تغير الجينات كانت مفهومة حتى اليوم أنها تتبدل فقط بطريقة غير واضحة هي (الطفرة Mutation) فهذا سيقلب نظرتنا تماما إلى فهم علاقة التطور بالوراثة أو العقل بالبدن أو الروح بالأخلاق والجسم. يقول الفريق الطبي: وهنا الفرق؛ فالأمراض الوراثية لعنة ليس لها مرد، أما مركبات المتيلين فيمكن التحكم فيها، وإذا كانت التربية ستغير الجينات، فيمكن التداخل أيضا دوائيا بفك أو فتح استعصاء الجينات بواسطة (مفصلة باب المتيل). وفي الطبيعة درسا من عالم النحل، فقد ثبت أن الغذاء يغير طبيعة الكائنات، كما هو الحال في الغذاء الملكي الذي يقلب نحلة عادية، إلى ملكة بصفات مغايرة، تلد الآلاف وتعني بكامل المملكة الحيوانية، فلماذا لا ينطبق هذا أيضا على مملكة البشر؟ إن القرآن يقول لنا عن إبراهيم أنه كان أمة فيسعفنا بمثل من عالم البشر.. ومنذ فترة قريبة توصل فريق أسترالي إلى نتائج مشابهة عبر الغذاء، فتناول رحيق العسل يقود إلى قوة في نظام المتيل الداعم للجينات، وبالتالي إلى إطفاء فعالية العديد من جينات التطور، وتحول اليرقة إلى نحلة عاملة. لقد لوحظ عند الأطفال من سن اثنتين إلى ثلاث سنوات أن مجموعات المتيلين تتأرجح، وهي عرضة للتأثر بظروف الحياة، ومنها تلك التي تقود للكآبة والانتحار من ظروف البؤس والإحباط والعبث واللامعنى في الحياة وموت أقرب الناس ممن نحب.