استأثرت عملية "عاصفة الحزم" التي انطلقت بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن، بانتباه الصحف العالمية ومراكز البحوث الأميركية والغربية، التي كرست مساحات واسعة من صفحاتها لتحليل هذا الحدث، الذي ستكون له تأثيرات وانعكاسات جدية على مسار التطورات وموازين القوى المحلية والإقليمية والدولية في المرحلة المقبلة. وتباينت وجهات نظر المعلقين والمحللين والباحثين في النظر للعملية، فيما اتهمت صحف أخرى الإدارة الأميركية بما سمته "نضوب الاستراتيجية" في اليمن، واضمحلال الدور الأميركي في الشرق الأوسط. إعادة رسم خريطة التحالفات والموازين توقف مقال بعنوان "الصراع بين السعودية وإيران" في جريدة "الجارديان" عند اللاعبين الإقليميين في الأحداث اليمنية، وقال "إن الضربات الجوية السعودية ستسعر من حدة المنافسة مع طهران". وتناولت صحيفة "البايس" الإسبانية في تعليق كتبه إنجلز إسبينوزا أهمية التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، في إعادة رسم خريطة التحالفات والتوازنات والمصالح، وتحديد التطورات اللاحقة في الشرق الأوسط، معتبرا "أن تنامي نفوذ إيران وتأثيرها في مجريات الأحداث في بعض الدول العربية، أطاح كل موازين القوى في المنطقة، وفرض رد فعل فوري لم يعد قابلا للتأخير من جانب السعودية". فيما قال المعلق في صحيفة "كوريرا ديلا سيرا": "إن قرار قمة شرم الشيخ التي شارك فيها قادة 22 دولة عربية وإسلامية، تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل السريع لمكافحة الإرهاب، يتطلب تنفيذه فترة طويلة إلى حين الوصول إلى مرحلة الإعلان عن تركيبتها وآليات عمل هذه القوة وقيادتها". فيما رأت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، "أن محاربة تنظيم "داعش" لم تعد أولوية بالنسبة إلى العرب السنة في المرحلة الراهنة، على خلفية الأخطار والتهديدات التي ستنجم عن سقوط اليمن بيد إيران ووكيلها المحلي الحوثي، على الأمن القومي السعودي والخليجي عموما". دبلوماسية سعودية متألقة اعتبرت صحيفة "لوموند" أن التحالف العربي الداعم للتدخل العسكري في اليمن يعكس القدرة الديبلوماسية السعودية على تجنيد تحالف عربي ضد المحور الشيعي الذي تتزعمه إيران، ورجحت صحيفة "صاندي تايمز" أن تشن السعودية حربا برية في حال لم تستطع تقويض قوة الحوثيين وتدمير مستودعات أسلحتهم وتحييد دورهم العسكري. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى "أن العمليات العسكرية المكثفة قد تجبر المتمردين الحوثيين على العودة إلى طاولة المفاوضات، للبحث في تقاسم السلطة"، مستنتجة "أن الضربات الجوية لطائرات التحالف العربي قد تضعف الحوثيين وتوقف تقدمهم في جنوب اليمن". اليمن مركز القرصنة البحرية الجديد واعتبر تقرير صادر عن "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" الأميركي، كتبه الباحث في الشؤون العربية مايكل نايتس، "أن التعبئة العسكرية لتسع دول مسلمة تشير إلى الهدف الاستراتيجي الأوسع للحملة، ما ينشئ نقطة حشد للعرب لمواجهة النشاط العسكري الإيراني المتزايد في المنطقة"، وقال "تجد واشنطن نفسها الآن في موقف غير معتاد، إذ إنها تدعم من دون ضجة ائتلافا كبيرا متعدد الجنسيات يتألف من دول إقليمية، وهذا هو على وجه التحديد نوع تقاسم الأعباء الذي لطالما حلمت الإدارات الأميركية المتعاقبة بتعزيزه"، داعيا إدارة أوباما إلى "التخطيط بعناية للمشاركة في العمليات، وللانخراط في الديبلوماسية بهدف تحقيق أفضل النتائج". وتحت عنوان "المخاطرة الكبرى" كتب المحلل المختص بالشؤون السعودية سايمون هندرسون في مجلة "فورين بوليسي"، قائلا: "لا يجب النظر إلى الأحداث في اليمن كونها هامشية فهي مركزية لميزان القوى في العالم العربي، كما وتبقى في صلب المخاوف في سوق النفط العالمية"، وأضاف أن "القيادة السعودية الجديدة هي اللاعب الرئيس في تشكيل مسار هذه الحرب الجديدة في الشرق الأوسط". وقال رئيس معهد أستراليا للشؤون الدولية جون مكارثي في تقرير أعده عن التطورات الحاصلة في الخليج العربي، "إن السعودية تخشى أن يصبح اليمن وكيلا لإيران ويسيطر في الأساس على بلد يرتبط به أمنها القومي"، وأضاف "لن أندهش إذا شهدنا دعما بريا سعوديا في مرحلة ما"، لأنه "في غياب الأميركيين وانسحابهم من الساحة، لم يعد هناك من خيار أمام المملكة سوى الدخول وبقوة".