اعتدنا أن نسمع أو نقرأ من الأشخاص الذين عاشوا عدة سنوات خارج المملكة عن مقارنات ومديح يَصُب في مصلحة تلك الدول التي مكثوا فيها، ويذمون مجتمعنا وعاداته. اليوم، أريد أن أكسر تلك القاعدة، وأتحدث بقليل مما رأيته عندما كنت في كندا للدراسة، إذ إنني حمدت ربي على أني سعودي، وعشت وتربيت وتعلمت في السعودية، فحقوق المرأة لديهم "فاهمينها" غلط، والحرية المفرطة "لاعبة" فيهم، ولا أنسى حياتهم المادية، ووقتهم المهدر في العمل للبحث عن لقمة العيش. الفتاة الكندية منذ أن تبلغ الثامنة عشر هي حرة طليقة، وتدفع ثمن حريتها، فوالداها يرفعان أيديهما عنها، وهي من تتكفل بمصاريفها، فالتعليم ليس مجانيا، فتضطر للعمل في المساء، وذلك بعد يوم دراسي حافل في الصباح، وسمعت عن أن بعضهن قد تم استغلالهن من بعض من شركات الدعارة هناك، وقمن بتوقيع عقود تجبرهن على أن يعملن في هذا المجال، إذ إن الدعارة تعدّ قانونية في بعض المقاطعات، وبأي حال من الأحوال، فيوم الشباب والفتيات هناك يذهب بين الدراسة والعمل بشكل مبالغ فيه، وحياتهم مادية بحتة، فأحمد الله أننا مسلمون وسعوديون، أولياء الأمور هنا يتكفلون بمصاريف أبنائهم وبناتهم الدراسية، ويهيئون لهم بيئة دراسية جيدة. نسبة لا بأس بها من الشعب الكندي واقع في داء الماريجوانا هناك، و"هي نوع من أنواع المخدرات" تباع في الشوارع، ومنتشرة بكثرة وسعرها أرخص من السجائر، وتباع في الأسواق بطرق نظامية، واعتدت أن أشاهد الشباب والفتيات يتعاطونها في الأماكن العامة بكثرة، وكانت تزعجني رائحتها التي تلوث جمال الأجواء حين كنت أجلس في حديقة منزلي، فالقوانين غير صارمة لديهم في بعض المقاطعات بالنسبة لمن يتعاطى المخدرات. الشعب هناك يذهب يومه في العمل، إذ إنهم يخرجون في السابعة صباحا إلى أعمالهم، وبعضهم يعودون في السادسة إلى منازلهم، ويعدون وجبة عشائهم، وينهون ما لديهم من مهام منزلية، ليتفرغوا لقليل من الوقت، ثم يخلدون إلى النوم في التاسعة مساء أو نحوها، وهكذا ينتهي يومهم، فالكل مسؤول عن نفسه، وحياتهم مادية بحتة، وغير اجتماعية، ومن دون طعم ولا رائحة. في مملكتي الحبيبة، نحن ننعم بنعم لا تحصى، فهناك قوانين تحمي المرأة من الاستغلال، وتحمي الجميع من خطر المخدرات، ونحن اجتماعيون بطبيعتنا، وهناك من يتكفل بإعداد طعامنا من ربات المنازل، والجميل أن أولياء أمورنا يتحملون مسؤولية الصرف على تعليمنا ومعيشتنا، حتى نصبح قادرين على الاعتماد على أنفسنا، والأجمل من ذلك أن تعليمنا مجاني، بل حكومتنا أدامها الله، تدفع لنا مكافأة مقابل أن ننتظم في مقاعد الدراسة الجامعية، وهذا ما كان يحسدني عليه زملائي الكنديون، إذ إن أحدهم قال لي "لو كان تعليمي مجانيا وحكومتي تدفع لي مكافأة مقابل انتظامي في مقاعد الدراسة لأصبحت الأول على الجامعة".