علمت "الوطن" أن الأب السفاح الذي نحر ابنه عبدالله أول من أمس، كان يخطط لجريمة قتل مزدوجة، تتمثل في قتل ابنه عبدالله "10 أعوام"، وابنته سارة "13 عاما"، إلا أن مديرة مدرسة الابنة رفضت طلبه بخروجها من المدرسة قبل انتهاء اليوم الدراسي. وأكدت مصادر الصحيفة أن الجاني انطلق إلى مدرسة الابن في محافظة أحد المسارحة، وتمكن من الاستئذان له لينفذ جريمته. "بابا في سفر طويل، وسيعود محملا بالهدايا"، عبارة كان يرددها الطفل القتيل عبدالله، كلما سأله أقرانه في المدرسة والحي عن سبب غياب والده، والذي كان يقضي عقوبة سجن وقصاص بسبب قتله عمه دهسا بالسيارة قبل 9 سنوات، وعلمت "الوطن" من مصادر أن الأب كان يخطط لجريمة قتل مزدوجة ممثلة في قتل ابنه عبدالله، وابنته سارة، إذ ذهب إلى المدرسة المتوسطة للبنات التي تدرس فيها ابنته الوحيدة سارة 13 عاما، وحينما طلب الإذن لها بالخروج قبل انتهاء اليوم الدراسي، رفضت مديرة المدرسة الإذن.
استئذان ثم قتل
بعد أن رفضت مديرة المدرسة خروج ابنته، أكمل الجاني مشواره إلى مدرسة تحفيظ القرآن الكريم في محافظة أحد المسارحة للاستئذان ل"عبدالله"، وكانت هي الزيارة الأولى للأب للمدرسة، وعندما دخل إلى مكتب مدير المدرسة عرف بنفسه، وذكر أنه ذاهب إلى المحكمة ويحتاج ابنه معه، فتم توقيعه على ورقة إخراج ابنه من المدرسة على مسؤوليته "وهو الإجراء النظامي المتبع"، وبعد أن أخذ ابنه نفذ جريمته وقتله، ثم توجه إلى أقرب دورية أمنية ليبلغهم بأنه قدم ابنه فدية، وأوفى الدين الذي عليه لأهل الدم.
حرية القاتل مشروطة
بعد تسع سنوات قضاها الجاني في السجن بسبب قتله عمه، تم إخراجه من السجن بكفالة أبناء المقتول قبل شهرين، على أن يؤمن لهم مبلغ 300 ألف ريال كدية لقتله والدهم، أو يعود إلى السجن لتنفيذ الحكم، ولكن المفاجأة أنه بعد خروجه من السجن لم يكن في حالة طبيعية، إضافة إلى عدم وجود من يقف معه في تأمين مبلغ الدية، ومع مرور الوقت زاد الوضع من تدهور حالته النفسية، وأصبح يطلب المساعدة من كل من يقابله، ويرجح أقارب القاتل أن وضعه النفسي وحالته المضطربة صورت له أن ذبح ابنه سيكون بمنزلة الفدية التي يمكن خلالها الخلاص من القصاص.
تناقض الروايات
في الوقت الذي أكد بعض المعلمين في المدرسة أن عبدالله كان في قمة سعادته بزيارة والده الذي بقي طوال السنوات الأربع الماضية، وهو يحدث أقرانه عن والده المسافر الذي سيعود له بكثير من الهدايا، حصلت "الوطن" على معلومات من مصادر مقربة من أم عبدالله، أن ابنها رفض الخروج مع والده من المدرسة لعلمه أن والده يمر بظروف نفسية صعبة، وأنه عاش منذ ولادته مع أمه.
خذلناك يا عبدالله
حمل ناشطون في مواقع التواصل إدارة المدرسة مسؤولية خروج الطالب مع والده الذي لم يزر المدرسة منذ التحاق الطالب بها، وهم على علم بوضع والده في السجن، وأن الطالب تحت رعاية أمه المنفصلة، متسائلين عن كيفية السماح للجاني بدخول الفصول الدراسية، رغم وجود تعميم وزاري سابق يمنع دخول أولياء الأمور إلى الفصول. وغرد أحد المعلمين ب"خذلناك يا عبدالله، نعم خذلناك جميعا"، وأكد معلم في المدرسة أن والد "عبدالله" طلب إخراج ولده للذهاب به إلى المحكمة، وكان هذا مؤشرا يستدعي إدارة المدرسة للتريث في تسليم الطالب.
الانتقام وراء الجريمة
بين أستاذ الإرشاد النفسي المساعد في جامعة جازان الدكتور أحمد حنتول ل"الوطن"، أن قيام والد الطفل بمثل هذه الجريمة البشعة التي هزت المجتمع، ما هي إلا نتيحه خلل واضطرابات نفسية، مدعوما بدوافع للانتقام وتصفية حسابات، خصوصا أن الوالد مكتئب نحو 9 سنوات داخل السجن. وأكد أن الجريمة وقعة تحت تأثير اضطراب نفسي لدى الوالد، وليس لتعاطيه المخدرات، مشيرا إلى أن طريقة إخراج الأب للطالب من المدرسة والذهاب به إلى أحد الأحواش، وسن آلة الذبح قبل تنفيذ الجريمة، يدل على عدم تعاطيه المخدرات، بل كان انتقاما. لذلك، تتحمل إدارة المدرسة جزءا من المسؤولية وليس لها أي تبرير، لمعرفتها بطبيعة والد الطفل. دعم نفسي أوضح المتحدث الإعلامي لتعليم جازان يحيى عطيف، أنه من باب استشعار الدور التربوي، وحرصا على إخراج الطلاب من الجو النفسي داخل الفصل الذي كان يدرس فيه الطالب "عبدالله محمد سويدي"، والذي قتله والده أول من أمس، أخلت إدارة المدرسة صباح أمس الفصل الذي كان يدرس فيه الطالب، ونقل الطلاب إلى فصل آخر، والعمل على مساعدة الطلاب في تجاوز الموقف حتى لا يكون مقعد عبدالله راسخا في أذهانهم، ويعيدهم إلى الحادثة.
التعليم تحقق وتنعى حضر صباح أمس إلى المدرسة فريق من قسم المتابعة في إدارة تعليم جازان، وتم إطلاعهم على جميع الأوراق النظامية التي تم بموجبها تم إخراج الطالب مع والده، وكان تعليم جازان أصدر بيانا ذكر فيه أنه سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في خروج الطالب من المدرسة. ونعت الإدارة العامة ببالغ الأسى والحزن الطالب عبدالله الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي بمدرسة تحفيظ القرآن في أحد المسارحة، ووجه المدير العام للتعليم في منطقة جازان عيسى الحكمي بتشكيل لجنة عاجلة لزيارة المدرسة اليوم، والوقوف على تفاصيل خروج الطالب من المدرسة والإجراءات الرسمية التي تم اتباعها حيال ذلك.
الشرطة توضح أوضح المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة جازان، المقدم محمد الحربي، أنه حضر إلى مركز الضبط الأمني في الدغارير، عصر أول من أمس، مواطن أربعيني مبلغا أنه اصطحب ابنه البالغ من العمر 10 سنوات من مدرسته الساعة التاسعة صباحا، وتوجه به إلى أحد الأحواش قرب الإسكان، ونحره من عنقه بسكين، وعثر على جثة الطفل، ولم يكشف عن أسباب ودوافع جريمته، وحضر شقيقه، وأكد أن الجاني يعاني اضطرابات نفسية وهلاوس. وأضاف أنه تم إحالة القضية إلى فرع هيئة التحقيق والادعاء العام في المنطقة، لإكمال الإجراءات النظامية في مثل هذه الحالات.