تساءل عدد من المحللين السياسيين والعسكريين عن دوافع تحرك تنظيم القاعدة في اليمن، وسعيه للفت الأنظار إليه، كلما وجَّهت المقاومة الشعبية والقوات الموالية للشرعية ضربات موجعة للانقلابيين الحوثيين، وفلول المخلوع علي عبدالله صالح، مشيرين إلى أن تلك التحركات، في توقيتها المشبوه، تشير إلى حقيقة واحدة، هي ارتباط تلك التحركات بالتنسيق مع طرفي التمرد، وبشكل خاص، المخلوع، الذي يرتبط معها بتنسيق غير خفي أشارت إليه كثير من المعطيات في أوقات سابقة، وأن الأمر لا يخلو من كونه مؤامرة، لتشتيت أنظار السلطة الشرعية، ودفعها لوقف التقدم الذي تحققه في جبهات القتال، عبر إشغالها بجبهات أخرى. صرف الأنظار أضاف المحللون أنه عندما شارفت القوات الشرعية على استعادة محافظة تعز، خلال الشهر الماضي، تحركت القاعدة في حضرموت، وافتعلت العديد من المناوشات مع السكان والسلطة المحلية، وعندما بدأت السلطات الشرعية في عدن اجتثاث خطر البؤر الإرهابية الموالية لصالح، وحققت قوات الجيش الوطني انتصارات كبيرة شمال صنعاء، واستعادت الكثير من المواقع الإستراتيجية، توغل متشددو القاعدة في محافظة شبوة، وسيطروا على بلدة عزان. مما يؤكد أن تحركات التنظيم المتشدد تتم لصالح القوى الانقلابية، لصرف أنظار الثوار، وإرغام القوات الموالية للشرعية على وقف تقدمها وتوجيه قواتها للمناطق التي تحركت فيها القاعدة.
تنفيذ الخطة الأمنية محافظ عدن، عيدروس الزبيدي كان قد أشار إلى هذه الجزئية في تصريحات صحفية، مؤكدا أن قوات الأمن في المحافظة لن توقف تنفيذ خطتها الأمنية، حتى يتم تحقيق كافة أهدافها المعلنة. وقال في تصريحات صحفية إن الإرهاب يحتضر في عدن، وما تشهده المحافظة من عمليات انتحارية هو محاولة للحصول على تضخيم إعلامي، مؤكدا أن الرد على العمليات الإرهابية سيكون قويا، وسيعيد الاعتبار للمحافظة كمدينة للسلام والتسامح والتعايش. وأضاف في بيان على صفحته في موقع فيسبوك، أمس، "الأسلوب الجبان الذي تنتهجه هذه الجماعات يهدف إلى إجهاض الانتصار الذي تحقق في العاصمة عدن. التي تدفع اليوم ضريبة تحرير المدينة، التي ظلت طوال أكثر من 26 عاما مختطفة بيد نظام متخلف زرع فيها الجهل والتطرف، مؤكدا أن المهمة الأمنية لن تكتمل إلا عبر التوعية من خطر هذه الجماعات ابتداء من المساجد والمنابر الثقافية والعلمية.
ادعاءات مثيرة للسخرية يشير أستاذ بجامعة صنعاء، رفض الكشف عن اسمه، إلى أن المخلوع يقف وراء انتشار التنظيم المتطرف باليمن، مشيرا إلى أنه تلقف العناصر التي هربت بعد مطاردتها في المملكة، ودخلت اليمن، ووفر لهم ملاذا آمنا، وأمدهم بالسلاح، وقوَّى شبكتهم على حساب شيوخ القبائل في حالات كثيرة، وطيلة هذا الوقت كان يدَّعي محاربتهم ومواجهتهم، حتى هجماتهم على قوى الأمن والجيش اليمني كانت تتم بعلمه وموافقته، ومنها حادثة مقتل 106 من جنود الأمن المركزي في عملية واحدة، وإصابة مئات آخرين في 21 مايو 2012، وتبين لاحقاً أن الفاعل شاب صغير كان على علاقة بالعميد عمار، نجل شقيق الرئيس صالح، وتمت إقالته من موقع نائب رئيس الأمن القومي، بعد لحظات من هذه الجريمة". وأضاف "الدليل على العلاقة بين الجانبين، ما تم تسريبه في وثائق ويكليكس، التي أثبتت مسؤولية صالح عن تهريب 23 من قيادات القاعدة، من سجن الأمن السياسي في فبراير 2006، بدعوى أنهم حفروا نفقا بطول 47 متراً، بواسطة صحون وملاعق الطعام، وهي مزاعم أثارت السخرية على من رددها".
اللعب على المتناقضات يؤكد العميد المتقاعد في الجيش اليمني، سليم البيحاني، وجود رابطة قوية بين المخلوع وتنظيم القاعدة، منذ بدايات ظهور التنظيم المتشدد، وقال إن التعاون بين الجانبين لم يعد خافيا، ولا يجرؤ حتى صالح نفسه على إنكاره، وقال "منذ بدايات ظهور القاعدة في اليمن، أواسط تسعينيات القرن الماضي، بدأت هذه العلاقة، فالمخلوع أراد استغلال المتطرفين لتحقيق أهداف عديدة، في مقدمتها استخدامهم ضد خصومه السياسيين المتعددين، إضافة إلى استغلالهم لتحقيق مكاسب مادية عبر جمع الأموال والمساعدات العسكرية من المجتمع الدولي، بدعوى محاربتهم واستئصالهم، فاحتضنهم، وأمدهم بالسلاح، ولا يخفى على أحد واقعة استيلائهم على أسلحة المنطقة العسكرية الرابعة، بتنسيق مع قيادات عسكرية موالية لصالح، فتحت لهم المعسكرات عبر البحر، بحجة أنهم هجموا ليلاً بواسطة زوارق بحرية ونهبوا السلاح والعتاد". ومضى البيحاني في شرح العلاقة بين الجانبين، قائلا "المخلوع اشتهر بإتقان اللعب على المتناقضات، لتحقيق أهدافه الشخصية، فمرة يتعاون مع عناصر القاعدة، وحينا يستعين بالحوثيين، ومرة أخرى بالجماعات السلفية، وكل هؤلاء مجرد مخالب ينشبها في وجوه مناوئيه". أهداف المخلوع ابتزاز المجتمع الدولي بفزاعة الإرهاب استخدام المتطرفين ضد خصومه تحصيل الأموال والمساعدات تبرير التجاوزات بحق المدنيين السعي للبقاء على كرسي الحكم تبرير الانقلاب على الشرعية الحصول على أسلحة حديثة