الاسم المرفوع بعد أداة الشّرط فاعل مرفوع بفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور بعده، وليس مبتدأ ولا فاعلًا للفعل المذكور. وفيه توكيد الجملة مذكورة ومقدّرة، كما علّمنا أستاذنا شيخ المحقِّقين الدّكتور فخرالدّين قَباوة. وأمثلتُه كثيرة ... أذكر منها على سبيل المثال شطرًا لأبي فراس الحَمْدانيّ: إذا الليلُ أَضْواني بَسَطْتُ يدَ الهَوى. والتّقدير: إذا أَضْواني الليلُ أَضْواني.. إلا "أنّ بعض القدامى والمحدَثين لا يَروقهم هذا التّقدير، ويسخَرون منه، مطالبين بإعراب الاسم المرفوع في هذا المثال وأشباهه إمّا مبتدأً مباشرة، وإمّا فاعلًا مقدّمًا للفعل الذي بعده (أي: للمُفَسِّر)، وبإهمال التّعليل الذي يحول دون هذا الإعراب، لأنّه - كما يقولون - تعليل نظريّ مَحْض، أساسُه التّخيّل والتّوهم ...". النّحو الوافي - للأستاذ عبّاس حسن 2 /144 أذكُر من القدامى الأخفش والكوفيّين، ومن المحدَثين الأستاذ إبراهيم مصطفى صاحب "إحياء النّحو"، والدّكتور مهدي المخزومي مؤلّف "في النحو العربيّ .. نقد وتوجيه". وكان الأستاذ عبّاس حسن - رحمه الله - أعرض عن ذكر أدلّة كل فريق ممّن يُبيح أو يَمنع، لأنّ المراجع أغنته عن ذلك، ومنها على سبيل المثال: الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباريّ وحكَم على الأوجه الثّلاثة بالضّعف، ولكن الضّعف كما يقول في حالة تقدير عامل محذوف أخفّ وأيسر. ثمّ ناقش أوجه الإعراب الثّلاثة، وبيّن ضعف الوجه الأوّل، الذي يذهب إلى إعراب الاسم المرفوع مبتدأ، ثمّ رفضه. وبيّن ضعف الوجه الثّاني، الذي يذهب إلى إعراب الاسم المرفوع فاعلًا مقدّمًا للفعل المذكور، ثمّ رفضه أيضًا. واختار المذهب الثّالث، الذي يذهب إلى إعراب الاسم المرفوع فاعلًا لفعل محذوف يفسِّره الفعل المذكور بعده، واعتبره أفضل الوجوه، وأنّ العيب فيه أخفّ وأيسر. كما تقدّم. والحقّ أنّ الوجه الأخير لا عيب فيه، لأنّه يحقّق ما اشترطه جمهور النّحاة من دخول أداة الشّرط على فعل ظاهر أو مقدّر، ومنع دخولها على الاسم، ولأنّ فيه توكيدًا بتكرار الجملة: مذكورة ومقدّرة.