ازدهرت دراسات النقد الأدبي لفن الشعر في العقود الأخيرة، ولدلالة هذا الازدهار ذلك التنوع في عنوانات الأطروحات الجامعية وأبحاث الأكاديميين المختصين، وهذا لا شك مكسب ومغنم عظيم يصب في خدمة الإثراء المعرفي للحركة النقدية العربية، ولكي نُمنى بالسلامة –عزيزي القارئ- من منعطفات القضايا والموضوعات الإنسانية الشائكة التي تماس وتتقاطع مع روح النقد وفلسفته وأسئلته؛ ينبغي اختيار مسار آمن، وذلك بتحديد ظاهرة واحدة ومن ثم تسليط الضوء عليها، ولنأخذ في هذا المقال "ظاهرة الاغتراب في الشعر العربي"، وما يتناسل عنها من أبعاد ونتاجات؛ ولأنها إحدى الظواهر الإنسانية التي حظيت – مؤخراً- باهتمام النقد والنقاد. وإن في تطويرها ودراسة سماتها وانعكاساتها على الإبداع الأدبي، إضافة لتجلية مظاهرها المستمدة من أبعاد مختلفة - كالبعد السياسي والاجتماعي والتاريخي والديني والاقتصادي-، تطويرا لملكة المبدعين، وإنعاشا لخيالاتهم، وإثراء لمعجم إبداعهم، إضافةً لتناغمها - ظاهرة الاغتراب - مع النفس البشرية المتأثرة بالواقع المعيش سلباً وإيجاباً/ ازدهاراً وضعفاً/ حضارةً وانحطاطاً. وإذ تجدر الإشارة والتنبيه على الدور الرئيس لعلم النفس الذي خرجت من معطفه ظاهرة الاغتراب في الإضافات الهامة التي قدمها للنقد الأدبي – للمنهج النفسي مباشرة - والتي منحت بدورها فضاء النقد الأدبي سعةً وحداثةً، وأمدت أدوات النقاد تقدماً واستشرافاً لما وراء النص الأدبي. فالنقاد وأهل الاختصاص مدينون لعلم النفس ولعلمائه الجادين بجزيل الشكر والثناء. هذا والخلاصة بين يديّ –الآن- إعداد دراسة شارفت على إنهائها، موضوعها مستمد من مظاهر الاغتراب، ومدادها مؤلفات أساتذته، وهدفها قراءة ما وراء النص الأدبي.