تحمل الانتخابات البرلمانية التركية التي يتجه لها، صباح اليوم، أكثر من 54 مليون ناخب، حسابات سياسية متغيرة من حيث الموازين الداخلية والخارجية، عن الانتخابات الأولى التي جرت في يونيو الماضي، التي فشل من خلالها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والأحزاب الرئيسة الأخرى في تشكيل حكومة ائتلافية. وحسب التحليلات السياسية فإن صناديق الاقتراع الانتخابية المرتقبة تحمل كثيرا من المعطيات الجديدة، في ظل استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تتحدث عن سيكولوجية مختلفة ظهرت على سلوك الناخب التركي، وهو عدم تقبله فكرة قيام حكومة ائتلافية، نتيجة حدوث متغيرات أثرت في الاتجاه العام للأتراك.
موازين مختلفة أبرز ما يمكن الإشارة إليه هو تراجع مستوى الهدف السياسي للحزب الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، فبعد فشله في إقناع الناخبين في الانتخابات الماضية، قبل خمسة أشهر، من تغيير دستور الجمهورية إلى نظام رئاسي، أصبح الحزب في حملاته الانتخابية يركز على هدف مركزي هو تشكيل الحكومة المقبلة منفردا، وذلك في حال حصوله على نسبة 45%. هذا التحول السياسي في لغة خطاب الحزب يمكن استنتاجه من تصريحات قياداته، التي توحي بعدم الحصول على نتيجة تمكّنهم من التحول إلى نظام رئاسي، لكنهم يعقدون الآمال على تشكيل حكومة منفردة، وهو ما أجمع عليه عدد من المواطنين الأتراك بالقول "من الأفضل أن لا نعود إلى ما قبل 2002 أبدا، وإلا فالمصيبة أعظم". من جانبه، أشار مدير المركز التركي العربي للدراسات الاستراتيجية، محمد العادل، إلى التأثير السلبي للحكومات التركية الائتلافية في الاستقرار السياسي والاقتصادي للشعب، وقال في تصريحات إلى "الوطن": "هناك عدة مؤشرات حيوية في الانتخابات المقبلة، من بينها أن عملية مراجعات كبيرة تجرى على بنية حزب العدالة والتنمية، كذلك ابتعاد رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان عن واجهة الحملات الانتخابية الحالية تماما، لما كان له تأثير سلبي في الانتخابات السابقة، وبخاصة دفعه الناخبين الأتراك للتصويت من أجل التحول إلى النظام الرئاسي. 3 سيناريوهات السيناريوهات المتوقعة ستكون محددة بين ثلاثة خيارات، الأول الاتجاه إلى تشكيل العدالة والتنمية حكومة منفردة، والسيناريو الثاني هو حدوث مفاجأة بحصول العدالة والتنمية على نسبة 51% من الأصوات، بما يسمح له بتغيير دستور البلاد. أما السيناريو الثالث، وهو البقاء ضمن نتائج مربع انتخابات يونيو الماضي، الذي لا يرغبه أكثر الأتراك، والذي سيتطلب إرغام الأحزاب على الجلوس للخروج بحكومة ائتلافية لعامين قادمين. كما لا يمكن فصل شكل الانتخابات البرلمانية التركية عن الملف الخارجي، حيث يلعب ذلك دورا مؤثرا ومهما في صياغة صناديق الاقتراع اليوم.