تعودنا أن نبدأ حواراتنا باختلاف وننهيها بخلاف، نتغنى بتقبل الآراء وفي الحقيقة ما هو إلا رياء، نتصور أننا سنقنع بآرائنا ومع احتدام النقاش ننسف آراء الآخرين بإسقاطاتنا، ندعي أننا نؤمن بالحوار ولكنه حوار بلا طاولة، لا نجيد فيه غير لغة التعرية ومصطلحات التجريح، وكي نتفوق بالإقناع يجب أن يصاحبه صوت صاخب يخفي معه كل محاولات النقاش وفرض رأي بطعم الإقصاء. لم نستوعب بعد كيف أن نتقبل جميع الآراء مهما اختلفنا معها، وأنها ما هي إلا وجهات نظر في النهاية تختلف حسب الرؤية والتصور لكل فرد، وهى قابلة للصواب والخطأ، ولم نتقبل بعد ذلك التنوع في الآراء التي هي قيمة تجسد المزيج الثقافي والفكري الذي يجب أن يكون أكثر تجانسا بيننا، ولم نهيئ أنفسنا بعد للتصالح مع التعددية. اليوم باتت بيئة الحوار لدينا مشحونة وتشهد حالة انفلات ممن يتعصبون لآرائهم مهما كانت، لأنهم لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم، هؤلاء متلوثون بسطحية تعاطيهم مع الرأي الآخر، فما تعلمه لهم المدارس والجامعات ينسفه غياب الوعي الفكري وضيق الرؤية تجاه الغير، وللأسف أننا نتعايش تلك النماذج في واقعنا، والمؤسف أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بمن يحملون أفكارا مسمومة لا يمكن أن تنبت في أي أرضية حوارية. عزيزي صاحب كل وجهة نظر: لي رأي ولك رأي، وما بينهما من اختلاف يجب ألا يفسد الاحترام بيننا.