عدّ الكاتب والباحث محمد ربيع الغامدي، السير الشعبية أحد مصادر المرجعية الفكرية للكاتب، ورأى أنها تظل جديرة بالاحتفاء من جانب المبدعين، مشيرا إلى أن العلاقة بين المستلهم والسيرة الشعبية يتحكم فيها الميدان الذي ستدور على أرضه فعالية الاستلهام، وأن هناك أربعة ميادين للسيرة هي الميدان المعرفي، والوجداني، والدرامي، والحركي، وتفرض هذه الميادين على المشتغل فيها درجة معينة من القرب أو البعد عن النص الملهم. شذرات تاريخية وقال الغامدي في دراسة نقدية حديثة: إن المكتبة الأدبية السعودية شهدت بعض الدراسات التي قامت على السيرة الشعبية، في محاولة لفهم طبيعة تلك الشذرات التاريخية التي استنبت الناس حولها سيرا تداولوها في مجالسهم وفي مقاهيهم، منها "فارس بني عبس، التي كتبها الشاعر الراحل حسن بن عبدالله القرشي وحاول فيها أن يجمع منهجية البحث إلى إشراق الأسلوب الأدبي فنجح في ذلك وكان هدفه تمييز الواقع من الخيال في سيرة حياة عنترة بن شداد العبسي، إضافة إلى سيرة بني هلال بين الأسطورة والحقيقة: في دراسة لمحمد حسين زيدان، قدمها لمؤتمر الدراسات التاريخية لشرقي الجزيرة العربية الذي دعا إليه اتحاد المؤرخين العرب، وأصلت لأنساب قبيلة بني هلال لكنها لم تنجح في فصل الأسطورة عن الحقيقة، ودراسة أخرى عن سيرة بني هلال أصحاب التغريبة في التاريخ والأدب، نشرها عبدالرحمن بن عقيل الظاهري شاركه فيها الدكتور عبدالحليم عويس. تصنيف الغامدي لفت إلى أنه يمكن تصنيف السير الشعبية العربية الأكثر شهرة في ثلاثة مجاميع كمجموعة الفروسية العربية، وأبطالها من العصر الجاهلي وأشهرها: سيرة عنترة بن شداد وتدور أحداثها داخل الجزيرة العربية بين قبائل العرب، وسيرة الزير سالم وهي أيضا قبلية محلية، وسيرة حمزة البهلوان التي تدير الصراع بين العرب والفرس ومجموعة الجهاد الإسلامي، وأبطالها من المسلمين في عصور مختلفة، أشهرها: سيرة علي بن أبي طالب المتناثرة في أجزاء قابلة للجمع، وسيرة الأميرة ذات الهمة وهناك سيرة الظاهر بيبرس، والمجموعة الثالثة الهجرات التي تكاد السيرة الهلالية تنفرد بها، وهي السيرة التي عرفت أيضا بتغريبة بني هلال التي تتحدث عن أكبر هجرة بشرية تناقل أخبارها الناس، هجرة بني هلال من ديارهم الواسعة بحذاء طريق الفيل الممتد من اليمن إلى مكة، ثم استقرارهم في شمال أفريقيا. تجارب ورقة الغامدي أكدت وجود ثلاث حزم من التجارب العربية في تسريد التاريخ تنتظم جميعها تحت مظلة السرد والتخييل، هي: "الإخباريات العربية الأولى "ألمتمثلة غالبا في كتابات عبيد بن شَرِّية ووهب بن منبه وأبي مخنف الغامدي"، وقد وصف الدكتور عبدالله العسكر مؤلفات هذه الحزمة بالتاريخ الشعبي، وعدها مجرد روايات شعبية يتداولها الناس كما يتداولون القصص والحكايات، فيها مقدار غير يسير من الوضع، والخرافة، والمبالغة والخيال، وتفتقر للرابط الموضوعي، وتسودها البنية الحكواتية، وأساسها الإخباري هش، وتكاد تخلو من المضامين العقلية، والتجربة الثانية السير الشعبية العربية: "المتمثلة في سيرة عنترة بن شداد والزير سالم وسيف بن ذي يزن ورأس الغول والأمير حمزة البهلوان وفتوح وادي السيسبان والأميرة ذات الهمة والظاهر بيبرس وتغريبة بني هلال"، حيث نشأت على يد شعوب مقهورة.