لم ينته الجدل الذي بدأ سابقاً حول تعيين كاشيرات (محصلات) في المتاجر التموينية الكبرى، ليبدأ بعدها بخطوة تنفيذية أكثر جرأة من شقيقتها السابقة بتأسيس أول مركز أمني نسائي، يسمح فيه للسعوديات بشغل حارسات أمن في الأماكن التي تحتاج لذلك. وقالت الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز، في تصريحاتها الأولى التي أعقبت مؤتمر التأسيس "إن المركز معني بإيجاد فرص عمل جديدة في المجالات التي تتطلب تواجد وحماية المرأة، وستتعلم فيه فنون القتال والدفاع عن النفس". مضيفة "أن توقيت وفكرة المركز جاءت في وقت تعاني فيه المرأة السعودية من البطالة، وأن الواجب إكرامها بتعليمها صنعة كريمة تقيها ذل السؤال". ومن جهته، انتقد الأكاديمي المتخصص في دراسات المرأة الدكتور عدنان حسن باحارث في تعليق خاص أدلى به إلى "الوطن" المشروع، قائلاً "أفرط بعض أبناء قومنا في حماسهم نحو عمل المرأة بحجة عوزها وفقرها وحاجتها، يخيرونها بين الجوع أو الخروج إلى العمل أياً كان، مسبغين على توجههم هذا غطاءً شرعياً موهوماً، متناسين إكرام الشريعة للمرأة الحرة، والترفع بها عما قد يشينها أو يضر بها، من خلال كفالتها بما يغنيها ويحميها، فهي غير مسؤولة شرعاً عن نفقة نفسها أو غيرها إلا في أضيق الحدود". وأضاف باحارث "إن المرأة السعودية بدأت ترضخ أمام الأمر الواقع لوظائف وأعمال عامة لا تليق بها، تحت ضغط الحاجة". وأوضح الدكتور باحارث الذي يعمل أستاذاً في كلية التربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، فيما يتعلق بمهنة كاشير أو حارسات أمن "ليس الإشكال في أصل العمل أو المهنة التي يقوم بها الشخص ذكراً كان أو أنثى، وإنما الإشكال يكمن في تخصيص هذه الأعمال المهنية غير المرغوب فيها للنساء وحدهن، فهن اليوم الأغلبية العظمى في المهن الخدمية، التي تبتذل فيها شخصية المرأة في الحياة العامة، بحيث يشغلن ما بين 97% - 100% من هذه المهن حسب إحصائيات الأممالمتحدة، والتي استنكرت بدورها هذا التخصيص، واعتبرته نوعاً من التمييز العالمي ضد المرأة. محذراً – حسب رأيه - المرأة السعودية من أن تتدرج في المهن بصورة تنازلية، فتدخل فيما يشينها من الخدمات الفندقية، والمطاعم، والمكاتب ونحوها". في المقابل رفضت مديرة القسم الأمني في المركز التجاري "الصيرفي ميجا مول" هدى محمد الجحدلي في حديثها إلى "الوطن" ما ذهب إليه الدكتور باحارث، قائلة "إن هذه المهنة ممتازة، واجهت مشاكل في البداية، ولكن بعد ذلك تقبل أفراد المجتمع عملي بشكل كبير، وكانت تصلني شهادات شكر من بعض الجهات والأفراد". وقالت الجحدلي "هناك إقبال كبير من قبل السعوديات لشغل هذه المهنة خاصة من الجامعيات". وتضيف الجحدلي أنها بعد زواجها "لم يمانع زوجها في استمرارها بمهنة الأمن النسائي، بل دفعها وأعانها، بشكل كبير". وتتساءل الجحدلي "أليست هذه المهنة من المهن الشريفة التي تعف المرأة بالحلال؟". موضحة "ليست هذه المهنة محصورة فقط في المطلقات والأرامل". يشار هنا إلى أن المملكة تشهد سجالا خاصاً بعمل المرأة، بين معارض ومؤيد، كما أن نسبة كبيرة من سيدات الأعمال، وفي مؤتمرات متخصصة بالتوظيف أو خلال مشاركتهن في مؤتمرات اقتصادية محلية وعالمية، طالبن بتوسيع دائرة توظيف المرأة السعودية في القطاعين الخاص والعام، "لتلحقها بذلك خطوات أخرى تساعد في تقليل نسب البطالة النسائية في السعودية التي تجاوزت في آخر إحصائية رسمية 28%". كما دعت العديد من سيدات الأعمال وزارة العمل السعودية لتنفيذ استراتيجية التوظيف المقرة من المقام السامي عام 1425 ه، وتفعيل القرار 120 المتعلق بتوظيف المرأة. وأشار الكثير من سيدات الأعمال إلى أن المرأة السعودية أثبتت قدرتها التنافسية مع الرجال في مجالات العمل المختلفة، دون أن يقتصر عملها على المهن والوظائف التقليدية.