لم تقتصر جرائم ميليشيات جماعة الحوثي المتمردة وحليفها المخلوع صالح، في محافظة عدن على تدمير البنية الأساسية وحرمان السكان من المياه والكهرباء على مدى ستة أشهر، وإنما امتدت إلى الخدمات الصحية، وفي مقدمتها سرقة وتدمير محتويات مراكز الغسيل الكلوي وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ما خلف ذلك آلاما شديدة عاشها مرضى الفشل الكلوي، ودفع بالمئات من المرضى إلى خوض غمار تجربة رحلة النزوح الخطرة صوب محافظتي شبوة وحضرموت رغم أن أجساد كثير منهم لم تكن لتتحمل خوض تلك التجربة. وقالت رئيسة مركز الغسيل الكلوي للاستصفاء الدموي في مستشفى الجمهورية نبيهة أحمد باماجد، إن المركز والذي يعمل على مدار 24 ساعة يحتوي على 28 سريراً ويُساعد نحو 250 حالة تُضاف إليها الحالات الطارئة، تعرض للاقتحام من قبل الميليشيات الحوثية والسيطرة عليه ضمن سيطرتهم على مستشفى الجمهورية بالكامل وتحويله إلى ثكنة عسكرية ما أدى إلى تدمير أجزاء منه، وتخريب عدد من أجهزة الغسيل وتعطيل منظمة المياه والكهرباء فيه، وهو ما أجبر إدارة المركز على تقديم خدماته للمرضى الذين يحتاجون إلى إجراء عمليتي غسيل في الأسبوع. مأساة حقيقية وأضافت باماجد في حديثها إلى "الوطن" التي زارت القسم، أن المأساة الحقيقية التي عاشها مرضى الفشل الكلوي تمثلت في منع الحوثيين مراكز الغسيل الثلاثة التي توجد في عدن وهي (طيبة – الجمهورية – عبود العسكري)، من العمل، وأيضاً منعهم من الحصول على الأدوية والمعدات اللازمة من المركز وإخراجها لنقلها إلى مُستشفى (الصداقة) الذي استمر فيه العمل أثناء الحرب. وأكدت أن الميليشيات الحوثية رفضت كل المحاولات والوساطات التي تقدم بها كل من الهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر لإخراج الأدوية والأجهزة للعمل على إنقاذ حياة مرضى الفشل الكلوي، مشيرة إلى أن هذا الرفض أدى إلى حدوث فشل لعدد من الحالات التي كانت قد نجحت في زرع أعضاء جديدة كالكلى والبنكرياس والقلب والكبد، نتيجة لعدم حصولها على أدويتها التي كانت تحت قبضة الانقلابيين. النزوح إلى حضرموت ومن جانبها، قالت الطبيبة بالمركز الدكتورة ندى العيسائي في حديثها إلى "الوطن" إن استهداف الميليشيات كان يطال كل شيء، وإن هذا الوضع ونفاد الأدوية المخصصة لمرضى الغسيل وعدم قدرة مستشفى "الصداقة" على استقبال كامل مرضى الفشل الكلوي، دفع بالأطباء إلى الطلب من المرضى النزوح والتوجه صوب محافظتي حضرموت وشبوة، خاصة أن نسبة السموم ارتفعت بشكل كبير في دمائهم لعدم حصولهم على جلسات الغسيل والأدوية التي تتطلبها حالاتهم، واصفة الأمر بأنه كان بمثابة وصمة عار أخرى في جبين الميليشيات الانقلابية. ولم تتوقف معاناة المرضى عند هذا الحد، حيث قال العم سالم الأحمدي، وهو أحد مرضى الفشل الكلوي الذين التقت بهم "الوطن" إنهم لم يكونوا يستطيعون الخروج من منازلهم للحصول على العلاج نتيجة عمليات القنص العشوائية التي كان يقوم بها قناصو الحوثي. كما طال تعنت الانقلابيين حتى شاحنات الإغاثة التي كانت يحتوي بعضها على علاجات تخص مرضى الفشل الكلوي. وعن المُساعدات الإنسانية والصحية التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أوضح المسؤولون عن مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الجمهورية أن المركز تلقى مُساعدات تشمل مواد غسيل و 6 مكائن غسيل، وأنهم في المركز لا يزالون ينتظرون مزيدا من الدعم كون ما يصل من قبل المنظمات الإنسانية والحكومة لا يُغطي كافة احتياجات المرضى.