في الوقت الذي يهدد ذوبان الكتل الجليدية بإغراق الشواطئ، تراهن دول كروسيا والولاياتالمتحدة على أن ارتفاع درجات الحرارة سيفتح الباب لثروة جديدة تقدر بتريليونات الدولارات، حيث من المتوقع استخراج النفط والغاز من هذه المنطقة. وفي تحليل للمحلل السياسي الأميركي ديفيد لينش نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن الضابط السابق في قوات خفر السواحل الأميركية، سكوت بورجيرسون الذي يعمل حالياً مستشاراً في اتحاد "كاتاليست ماريتايم" قال: "من المحتمل أن تكون هناك فرصة استراتيجية هي الأكبر في أميركا منذ شراء لويزيانا في عام 1803". وقد ذهب الرئيس أوباما الأسبوع الماضي في رحلة لمدة ثلاثة أيام إلى آلاسكا للتأكيد على الحاجة الملحة لمكافحة التغير المناخي، وأتت زيارته فيما تضع قدرة القطب الشمالي على إنتاج النفط والغاز، وتقصير طرق التجارة عندما يذوب الجليد، هذا الأمر في مفترق طرق جديد بالنسبة للاقتصاد والجغرافيا السياسية. ووفقاً للتحليل فإن فجر الاقتصاد القطبي يشمل المكافآت المستقبلية المحتملة ما يقدر ب90 مليار برميل من النفط و1,7 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي تنتظر اكتشافها في منطقة القطب الشمالي، وتقع أغلبيتها قبالة الشواطئ، وفقا لتقرير المسح الجيولوجي الأميركي لعام 2008. وعلى الرغم من ذلك، فإن أي مردود مالي كبير ما زالت أمامه عقود، فانخفاض أسعار السلع يثبط جهود التنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي، في حين أن الطرق التجارية الجديدة عبر الجزء العلوي من العالم لم ترقَ بعد إلى مستوى التطلعات الافتراضية. وفي هذا السياق يقول المدير التنفيذي لمعهد القطب الشماليبواشنطن، مالتي هامبرت "إن مشاريع تنمية القطب الشمالي أبطأ كثيراً مما يعتقد الناس، والدعاية تتضاءل، ولن نرى الناس يتحدثون عن التنمية هناك قبل مرور سنوات مديدة". وذكر التحليل أن التغير المناخي الذي يضع القطب الشمالي في عين عاصفة سياسية جديدة هو أمر واضح، فدرجات الحرارة فوق الدائرة القطبية ترتفع بسرعة مضاعفة مقارنة بأماكن أخرى، وفقاً لمجلس القطب الشمالي. ومن ناحية أخرى، فإن انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل يثبط جهود الاستكشاف التي تتكبد تكاليف مرتفعة في ظل برد القطب الشمالي القارس. يذكر أن شركة رويال داتش شل تنفق أكثر من مليار دولار سنوياً للتنقيب في القطب الشمالي. وفي 18 أغسطس الماضي، حصلت الشركة على موافقة الولاياتالمتحدة على التنقيب في مياه القطب الشمالي للمرة الأولى منذ عام 2012. أما الشركات الأخرى، فهي تتخذ نهجاً أكثر حذراً نظراً لأسباب تتعلق بالبيئة والكلفة، وهذا الحذر سيتم التأكيد عليه في ظل انخفاض أسعار النفط، بحسب ما يرى الباحث بمعهد أكسفورد البريطاني لدراسات الطاقة، جيمس هاندرسون.