ليس هناك من شك في أن التعليم سر نهضة وتقدم الأمم، وبقدر اهتمام الدولة بمسيرة التعليم سيكون موقعها في سلم ترتيب دول العالم. حجم الإنفاق الحكومي على التعليم رقم ضخم في خانة المليارات، لكن بالمقابل فإن مخرجات التعليم لا تتناسب مع حجم هذا الإنفاق. وهنا علامة استفهام كبيرة (من السبب)؟ ذات السؤال كرة ثلج يتقاذفها المعلم والأسرة والمدرسة وتكبر يوماً بعد يوم. وبما أن المعلم حجر الأساس في العملية التعليمية فلماذا وصلت الحال إلى ما هي عليه؟ قبل الإجابة عن السؤال، إليكم عدة عوامل لها التأثير المباشر على أداء المعلم، سلباً أو إيجابا. أولاً: حق المعلم والمعلمة في التعيين داخل منطقته في حال توفر المكان الشاغر. ثانيا: حق النقل وأن يتم ذلك ضمن إطار عدد محدد من السنوات. العامل الثالث يتعلق بدور إدارات التعليم ممثلة في مكاتب الإشراف التربوي (الشريك الاستراتيجي للمدرسة) هل أسهمت في إنجاح العملية التعليمية من حيث خلق علاقة تكاملية -بين المعلم والمشرف- قوامها تبصير المعلم بأخطائه وتحفيزه لتقديم الأفضل؟ بمعنى آخر: متى سيستعيد المشرف التربوي دوره الحيوي الفعال ومتى سيتخلى عن القيام بدور صفارة الحكم؟ آن الأوان أن يعاد النظر فيما تقدمه مكاتب الإشراف من برامج تدريب. فلن تؤتي هذه البرامج أكلها طالما لم تتحل بالكثير من الواقعية. مراعاة عوامل الزمان والمكان والمحتوى أمر في غاية الأهمية، لهذا غدا وجود المعلم -في بعض هذه البرامج- مجرد رقم ليس إلا، وهذه إشكالية كبرى. نقطة أخرى، دفتر التحضير لماذا يحوز كل هذه الأهمية في حين أن البديل الوزاري موجود (دليل المعلم)؟ ماذا لو اختصر المعلم الكم الهائل من الأوراق إلى بضع ورقات تشتمل على مخطط تفصيلي يوضح (أهداف المادة -المسرد الزمني للحصص-الخطة الدراسية– استراتيجية التعليم المناسبة لكل درس)؟ ألا يكفي المعلم ما لديه من سجلات المتابعة والرصد وسجلات الإنجاز المتراكمة؟ نحن بهذا نكون ضربنا أكثر من عصفورين بحجر، قللنا عمليات الاتجار بالورق ووفرنا الوقت والجهد والمال. ومن البديهي –أيضا- أن تقليل استهلاك الورق يتيح لملايين الأشجار في الغابة حق العيش والبقاء. لا أود التحدث عن غياب القانون الرادع لحماية المعلم، ولا عن حلم التأمين الطبي، ولا عن المستوى والدرجة المستحقة، ولا عن المباني المستأجرة وما يتعلق بها من ضيق الفصول وازدحام الطلاب، ولا عن سوء النظافة والتكييف. ما أود قوله: أن نجاح العمل التعليمي يتطلب تضافر جهود مشتركة من بيئة مدرسية ملائمة، ومعلم مخلص، وأسرة متفاعلة، ومجتمع واع، ومن غير المبرر اتخاذ المعلم -وحده- شماعة لما لوحظ من تردي المخرجات التعليمية.