مسافة ربع قرن تفصل بين أول قصة سطرتها الروائية السعودية الدكتورة هناء حجازي وروايتها الجديدة "امرأتان" الصادرة أخيراً. وما بين الطب والسرد مضت حجازي تسطر الهواجس والأحلام واليوميات، فقد كتبت رواية "هل رأيتني؟ كنت أمشي في الشارع"، مختارة أن تبحر في عالمها الخليجي الخاص، مواجهة العادات الاجتماعية، دون أن تسمح لأحد بكسر قلمها، قائلة "كسرت قلمي فانتشرت رائحة نفاذة لم تعجبهم.. خبأتها تحت وسادتي ونمت"، معلنة أنها تريد الكتابة فقط دون مسميات أو ألقاب. حجازي تحدثت عن تجربتها ورؤيتها، وكشفت كثيراً من الحكايات ذات الصلة بهاجسها الأدبي. كيف بدأت علاقتك بالكتابة؟ بدأت الكتابة منذ الطفولة، ربما في أول سنين الدراسة، حين كنت أشارك في الإذاعة المدرسية، محاولة اختراع عبارات وصور جديدة لم أسمعها من زميلاتي قبل ذلك، ثم تطور الأمر بمحاولات مستمرة، حتى جاء يوم وراسلت فيه مجلة "اليمامة"، فرأيت اسمي منشورا في صفحاتها. بدأت الكتابة الابداعية منذ تلك اللحظة، واتجهت بعدها إلى الصحف والمجلات التي نشرت قصصي في ملحقاتها الثقافية في نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات. ما القضية الاجتماعية الأبرز التي تحملينها في أعمالك الأدبية؟ ليس لدي قضية أبرز، لكني أكره الاستضعاف والظلم.. يثيرني ويستفزني ويجعلني متوترة، فأحاول التخلص من هذا الشعور بالكتابة. يرى من يطالع أعمالك الأدبية أن التمرد على البيئة المحافظة هو سيد الموقف، وهذا ما يظهر في روايتك "امرأتان" الصادرة أخيراً عن دار الساقي.. ما التمرد الاجتماعي بمفهومك الأدبي؟ وهل يتقاطع مع مفاهيم الحرية والحق، أم يتعارض مع أعراف القبيلة والعادات والتقاليد؟ لا أحب أن تكون الصفة التي تطلق علي هي التمرد، ليس لأنني لست متمردة، لكن لأنني أسعى للتغيير، والإنسان المتمرد لا يغير، بل يثير الزوبعات التي قد تؤدي إلى ردود فعل معاكسة. أريد مجتمعا إنسانيا، يؤمن بالإنسان، دون أن يسعى للملائكية، التي لن تجعله ملاكا لكنها خلقت منه شيطانا يحكم بالسوط والنار، موزعاً صكوك الجنة والجحيم مع أنه ليس إلها، أردت أن أحكي في الرواية عن قصة حب تواجه رفضاً غير منطقي لمجرد أن فتاة أحبت شاعراً! وهي قصة تحدث بشكل متكرر لدرجة أن الجيل الجديد لم يعد يؤمن بالحب.. يتسلى، يعيش، ينافق، يكذب، لا يواجه في مسائل القلب لأنه يعرف أنه سيخسر. انطلقت من الحب في هذه الرواية لمناقشة تناقضات المجتمع.. لم تكن قصة رومانسية تتحدث عن سهر الليل والفراق واللوعة بقدر ما تتحدث عن المشكلات الخاصة بمجتمعنا حين يواجه حالة حب. هل استطاعت بنات جيلك التعبير بحق عن واقع المرأة السعودية، أم أن صوت التشدد كان أعلى من أصواتكن؟ أعتقد أن بنات جيلي كن أكثر شجاعة في التعبير من الجيل الجديد، ربما لأننا نشأنا قبل أن يحكم التشدد قبضته على مناهج الدراسة. لو كنت رجلاً، ما المواضيع التي ستكتبين عنها بحكم أنك ستمتلكين هامشاً أكبر من الحرية؟ أعتقد أنني أكثر شجاعة من كثير من الكتاب الرجال، لذلك لا أرى أن هامش الحرية أثر كثيرا فيهم. إذا طلب منك رسم المدينة الفاضلة في المملكة، فما أبرز ملامحها؟ لا أحلم بمدينة فاضلة، بل أحلم بمدينة طبيعية. هل على الكاتب أن يكون مناضلاً أم على الهامش من أجل فنه؟ وما الذي يسعدك، أن يقال إنك تناضلين من أجل المرأة، أم أنك مجرد روائية؟ لست مناضلة. أنا كاتبة يأتي عندها الفن أولاً، ثم تتوالى القضايا والهموم عند الكتابة. كما أن الإبداع الجيد يدافع عن قضاياه دون صوت عال، فأنا أكره الأصوات العالية.