كرمت اثنينية عبدالمقصود خوجة الأديبة والقاصة الكويتية ليلى العثمان عضو جمعية القصة والرواية التي صدر لها أكثر من عشر مجموعات قصصية وروائية تُرجمت بعضها إلى عدد من اللغات، وذلك تقديراً لنشاطها الكبير في مجالات البحث العلمي والتأليف ولإسهاماتها العديدة في البرامج التلفزيونية بالإضافة إلى مشاركاتها في مجال الكتابة الأدبية والصحفية داخل الكويت وخارجها. حيث رحب الشيخ خوجة بالقاصة ليلى وقال ان البعض لم تهيئ لهم الحياة فرصة تعليق الشهادات العالية على جدرانها، فتمردوا عليها، وحطموا تلك الجدران ليطلوا على الكون عنوة، فوهبتهم الحياة فرصة أن تعلقهم على جدرانها فخراً واعتزازاً بهم.. ضيفتنا الأستاذة ليلى عبدالله العثمان واحدة من هؤلاء، عندما أغلقت أمامها أبواب التعليم النظامي، يممت وجهها شطر الكتاب، فجعلته رفيقها أينما كانت، نهلت من مختلف تيارات الثقافة الحرة، فتشكلت خامتها الأدبية والفكرية على نار هادئة، جاعلة من الحياة مسرحها اللامتناهي. واكد خوجة أن المتتبع لإبداعات ليلى يجد أن المجتمع بكل شرائحه هو مصدر إلهامها، ومكمن قوتها، والشرارة التي تنطلق منها مقومات أعمالها، فهي تغترف بصدق من روافده العديدة، وتصوغ بقوالبها الخاصة شخوصاً تتصارع على الورق في حبكات شديدة التكثيف والدقة، فيغوص القارئ معها ويجد موطئ قدم بين عناصر أي قصة أو رواية لينحاز لا شعورياً إلى واحد أو فريق من أبطالها الذين يضجون على الورق، فإن لم يكن ذلك الانحياز فلا أقل من فضول يدفعه ليراقب عن كثب، ويتطلع إلى كل حركة تدب على السطور أو بينها. أما اللغة فهي لدنة، مطواعة، منقادة الزمام، عند ليلى تحلق بالمتلقي في آفاق منمنمة، شفيفة، تحفل بكل ألوان قوس قزح، وقد يفاجأ بارتطام عنيف يحدث خضة لا ريب فيها جراء جرعات كثيفة تعود به من تحليقه العالي إلى أرض الواقع بكل تفاصيله، الأمر الذي جعل ضيفتنا الكريمة كاتبة مثيرة للجدل.. نختلف معها.. لكنها تبقى مبدعة في مجال النص الأدبي الذي تقتطعه من الحياة وتضعه على الورق نابضاً، صاخباً، مترعاً بالعطاء، متشبثاً بالبقاء، فكأنه عمل وثائقي مفعم بكثير من الصدق والشمولية التي لا تنقصها الجرأة. وأوضح خوجة بان المفردة العامية أو الدارجة في اللهجة الكويتية لها مكانة خاصة في نصوص ضيفتنا الكريمة، فهي تتكئ عليها بشكل ملحوظ في بعض أعمالها، دون أن تقحم القارئ غير الخليجي في متاهات البحث عن المعاني، مستدركة ذلك بتفسيرها في الهوامش، أو تبدو جلية المعنى من السياق العام.. وفي كل الأحوال تجدها براقة، أنيقة، فاتنة، بين غيرها من مفردات اللغة، فلا تشكل نشازاً يحول دون متابعة النص. وقال خوجة كما يلاحظ أن الرمز يلقي بظلاله على كثير من نصوصها، خاصة إذا علمنا أنها بدأت بالشعر قبل أن تنصرف عنه إلى القصة والرواية.. فالبحر.. والقطة.. والرمل.. والألوان.. وغيرها من التعابير، يكتنفها غموض يشير إلى أكثر من اتجاه عندما تتناوله ضيفتنا الكريمة، وهو من الأمور السائدة عند كثير من المبدعين، الذين يعتمدون الرمز أيقونة تحوي نثاراً كثيراً لا يودون البوح به لسبب أو لآخر، لكنه يربطهم بوشائج غير منظورة مع طائفة من المتلقين الذين يمكن تصنيفهم بالفئة غير العادية، ممن يُشَرِّحون النص، ويخوضون تفاصيله بطرق لا تتاح للسواد الأعظم. وأوضح خوجة بان الخيال عند الأستاذة ليلى العثمان فرس جموح لا يهدأ، ينتابه صهيل مستمر يشق الآذان، ويسلب المتلقي راحة البال من دقة الوصف والتفاصيل التي تنقله إلى عالم غرائبي حول كيفية نسج بردتها بمنول الصبر، والتماهي في الآخر، حين ترى الكاتبة المبدعة منصهرة تماماً في بوتقة العمل الأدبي الذي تلتقط بعض خيوطه من الواقع، ثم تبني عليها جسوراً من الوهم المتألق الذي يربط الأحداث في جدلية شديدة التعقيد، ومترفة البساطة في آن واحد، وأحسبه من السهل الممتنع الذي يغري بالتأمل والاستزادة من بعض أعمالها التي برعت في تنويع مساراتها، وأتقنت حبكة كل منها وفق إطار مختلف. وبين خوجة بأن المنظومة الواسعة من أعمال ليلى التي تربو عن عشرين كتاباً في القصة والرواية، لا تخلو من رسالة اجتماعية تسطرها بكثير من التأني والإصرار على بلوغ أهدافها، واضعة نصب عينيها مشاكل المرأة في المقام الأول، دون فصلها عن السياق الاجتماعي أو العائلي الذي يشكل أرضيتها أو خلفيتها التي تفرز أحداثها، وهي في معظم الأحيان محور العمل الأدبي الذي تستنبط منه القيم المجتمعية، والإحباطات، والمشاكل، والحلول، التي تراها مناسبة لكل حالة.. وقد تترك القارئ في بعض الأحيان يستمرئ حالة الخيال التي تستقطبه ليواصل تشييد مرافئ الوهم حتى بعد أن ينتهي من قراءة القصة أو الرواية. ومن ناحية أخرى قال الدكتور جميل مغربي : نستضيف الليلة أنثى في أناء من الحب في الابداع، من الكويت التي أحمل لها حبا عميقا لشخصية كويتية كنت اسعد به في بريطانيا، هو الأخ خالد سعود رئيس رابطة الأدباء الكويتيين ، أهديته قصيدة حول غزو الكويت، فأعجب بها ، اقول أن يبدأ التكريم للعنصر النسائي ، مما يعكس العلاقة المتميزة بين الكويت والسعودية، فالملك عبدالعزيز انطلق من الكويت لفتح الرياض عام 1319، الطائرات المقاتلة انتقلت من 34 مطاراً لتحرير الكويت، من يظن أن أمريكا لها اليد العليا فهو واهم بل السعودية هي التي كان لها الدور الكبير مرحباً بالتكريم الأنثوي من دولة الكويت ومرحبا بالمبدعة ليلى العثمان.. وقالت الأستاذة دلال عزيز ضياء : أعجبت بأسلوب الأستاذة ليلى العثمان في الكتابة، فانتقيت لكم بعضا من هذه المقاطع تقول: ليست للأشجار أوراق أثيرة، فالشجرة لا تموت ، وحين تسقط منها ورقة تنبت مكانها عشرات الأوراق، الشجرة كالمرأة قادرة على الخلق والولادة الدائمة ، وهي كالقلب المحب الكبير الذي يحضن جيل الأبناء والأصدقاء والأحباب، أوراق الشجرة الأصيلة لا تسقط بل تسقط الأوراق التي تنبت وتجف ولا تعرف قيمة وهي تشبه سقوط رجل من حياة امرأة.. وجز من قصيدة: حيث تحدثت الأستاذة ليلى العثمان بقولها باسم المحبة وباللون الأخضر أحيي كل الحضور، وسعيدة ان أكون بجدة للمرة الأولى، كنت أزورها في مناسبات الحج والعمرة، ولأن علاقتي بالمدن علاقة قديمة أنا إما أن أحب المدينة من نظرتي الأولى، إذا أحبتني، واكرهها إذا لم تحتضنني ، هكذا أحببت صنعاء اليمن ، جدة تشرح الصدر وتعطي الشعور بالأمان، لآ ننسى فضل المملكة علينا، اثناء غزو الكويت وبعد الغزو أيضا، عندما قطعت الكهرباء أمدتنا المملكة بالكهرباء، أنار الله قلوبها وقلوب ابنائها.. تأثرت بكلمة الشيخ عبدالمقصود وجميل مغربي ودلال عزيز ضياء ، إنني بعد أن الفت عشرين كتابا وخمس روايات، لدي احساس أنني ما زلت أحبو في دروب الكتابة ، ما زلت أحبو مما يدفعني أن أجدد رغم ما أعانيه من الكتابة من امراض السكر وآلام العظام ومع ذلك الكتابة هي رئة اتنفس بها مساحة للحرية وهي علاج لي ، أكتب لأعالج نفسي.. أحييكم واحيي مؤسس هذا الملتقى الجميل بمناسية 25 عاما على ولادة الاثنينية ، جميل أن أكون في حضرة الرجال بينما أخواتي في الجانب الآخر، لست مستاءة ولست معترضة ، بعادات الشعوب أينما كنت أحيي الجميع .. المتلقي يبحث عن تجربتي فقد تحدثت عنها عبر الصحافة والاعلام وأنا أعتبر نفسي كتابا مفتوحا ولا شيء اضيفه، سأحول مسار الحديث إلى محور آخر ، وهو محور الكلام عن أحد أعمالي التي أحبها أو تلك التي أكرهها، هل هنالك كاتب يكره بعض مؤلفاته، إذ يقال إن الكاتب ينظر إلى مؤلفاته مثل أولاده يحبهم جميعا ، ولكنني غير ذلك بالرغم من أنني لا أفرق بين الأبناء، ولكني افرق بين كتبي ، هل يكره الكاتب مؤلفا من مؤلفاته ، نعم أنا أكره روايتي (خذها لا أريدها) وربما يكرهها مثلي عدد كثير من القراء ، فقد كانت عبارة عن يوميات مؤلمة جسديا ونفسيا منذ كتابتها، وسر كراهيتي لها منذ وفاة والدتي عام 1986م، صرت اقرأ وأكتب عن الموت وخوفي من المجهول ، كل أفكار كتاباتي تلاحقني إلى أن أجد نفسي مضطرة للخلاص منها لفضاء الكتاب إلا هذه أكتب وارميها وأنساها وأتناساها واستمررت على هذا الحال وهذ الهجر إلى عام 2009 حيث سلمتها لدار النشر التي وافقت على طباعتها وعمرها 23 سنة ، بالرغم من أنني اصدرت غيرها عشرات الكتب ,, كل كتاب اشعر بفرح ، عندما أكتبه وعندما أقرأه وعندما أطبعه، إلا رواية (خذها لا أريدها) هذه أعود مغضوبة منها واخيراً قررت أن أخرجها لأرتاح ، لمدة سنتين أقرأ كل شيء عن الموت والجنازة وتجهيزها عند المسلمين والمسيحيين أحدثت نوعا من البؤس والتشاؤم وحرب الكويت جلبت لي الكآبة واخطر ما حاق به خفت الموت واثناء قراءتي عن الموت اصيبت صديقتي العزيزة المسيحية بالسرطان، تأثرت مما ضاعف حالة الكآبة لدي ، وكيف شاهدت الميتة وأنا مرعوبة طلبت دار النشر أن أنقل الفصل الأول إلى أي مكان آخر فرفضت، لا اطيل عليكم فتحولت الكآبة إلى اكتئاب وجدت نفسي منطوية على نفسي لا اطيق الكلام حتى مع أولادي ، وقبل ثم أصيبت أختى بالسرطان حتى توفت ، هذه الرواية مزقتها أكثر من مرة، وسببت لي أوجاعا في ظهري ورقبتي حتى استقرت على حالتها الأخيرة .. بعد ذلك بدأ الحوار مع القاصة ليلى حيث سئلت عن كتاباتها التي كسرت بها التابوت الجنسي والديني دون السياسي، وهذه الكتابات هي انعكاسات لحياتها التي تتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار أجابت: ليلى العثمان قائلة ليس الدين ومع الجنس، فأنا حتى لما حاكموني ظلمت، لأن كتبي ليس فيها هذا الإصرار في الجنس وليس فيها أي استخدام للجنس ماعدا رواية العصعص، هي التي فيها مشهد واحد للجنس وكان للضرورة وليس لإقحام الجنس، أما أنا بالنسبة للدين، فأنا لم أكسر،الذي يقرأني ويقرأ المحاكمة بالذات، سيعرف أن علاقتي بالله علاقة قوية جدا، ولا يجب أن يحكم على مظهري بالذات لأنني لست محجبة، ولكن أنا مرتاحة ضميريا تجاه ربي، ولا أتعدى على الدين، أحيانا حوار بين ملحد ومتدين، فبالضرورة نقرأ رأي الملحد ويجيب عليه المتدين، لايعني هذا دخول ضد الدين، فأنا مع الحرية في الكتابة ، ولكنني مع الحرية الملتزمة أيضا،وأنا انتقدت الكتابة السعودية النسائية الأخيرة المليئة بالجنس العجيب والمخجلة، فلا أمارس كتابة الجنس إلا للضرورة، هل هي انعكاسات لحياتي؟ أكيد فكل كاتب لايكتب من فراغ ، كلنا نكتب من واقعنا، فوالدي ثري جديد، تزوج من عدة نسوة، مما جعلني أعيش في جو من القسوة وأفتقد الحنين، والقسوة موجودة عند كل رجالات الزمن القديم، ولكن أنا كنت ولفترة طويلة أحمل شيئا من الغبطة على والدي، ولكن مع كبري في السن بدأت أتفهم وعرفت أنه كان مضطرا أن يعاملنا بهده المعاملة. سئلت عن العديد من كتبها التي منعت في الكويت بينما توفرت في معرض الرياض الدولي للكتاب، هل أصبح أفق الحرية يضيق في الكويت بلد الحريات والديمقراطية، ويتسع في دول خليجية أخرى، كانت متشددة محافظة في وقت سابق؟ اجابت ليلى بقولها بانها سعيدة جدا عندما عاد أحد الأصدقاء من معرض السعودية للكتاب، وقال إن جميع كتبي معروضة للبيع ولم يمنع كتاب، وأنا أشكرهم على ذلك، بينما في الكويت لي ستة كتب ممنوعة لأسباب، لكن أغلب كتبي تباع في كل العواصم العربية والخليجية، ليس لدي شيء ممنوع. سؤال: عن (ليك أن تعتادي الصمت) بماذا تذكرك هذه العبارة؟ وما سبب تسميتك روايتك (صمت الفراشات) أجابت: عليك أن تصمتي، لأن الأم تقول لابنتها عليك أن تصمتي، دائما الأنثى يجب عليها أن تصمت، ولا يكون لها صوت أو حضور في مجتمعات متعددة ليس فقط في المجتمع الخليجي، وضع المرأة كان غير قبل اليوم، ولأن الفراشة تطير حولك ولا تسمع لها صوتاً، ولذلك شبهت النساء بالفراشات الصامتات، وطبعا من خلال الكتابة، حاولت أن أحرض المرأة على أن تطالب بحقوقها، وأظن أن هذا مقبول الآن في هذا الزمان، لأن أكثر من يقف معنا اليوم، الرجال أكثر من النساء، خاصة في الانتخابات الأخيرة في الكويت، نشكر الرجال على ذلك. سؤال هل ترجمت كتبك إلى لغات أخرى، قالت كتبي ترجمت إلى أكثر من 11 لغة منها الفرنسية والانجليزية والروسية والألمانية .. وعن رواية (العُصعُص) التي صدرت عام 2002م، هل انتهت بهروب (فرزانة وعائلتها) وحالة (سلوم) المأساوية؟ وما سر هذه النهاية المفتوحة على كثير من الاحتمالات؟ أم أن هناك أجزاء لاحقة على نمط ثلاثية نجيب محفوظ، وثلاثية تركي الحمد؟ ومتى تظهر في الساحة الثقافية؟ قالت ليلى النهايات المفتوحة أسلوب ينتهجه كثير من المؤلفين.. الواقع أن المبدع يتعب ويتألم ويتعذب أثناء الكتابة، وأنا أحب أن يقاسمني القارئ شيئاً من هذا العذاب الجميل، فأتيح له حرية وضع الافتراضات التي يراها مناسبة لخاتمة الرواية أو القصة.. من ناحية أخرى بدأت في كتابة نهاية لكني وجدت أن الرواية سوف تطول أكثر من اللازم.. لذا تركتها عند هذا الحد، وليس لدي خطة لإنجاز تكملة في كتب أخرى لأن الأبطال الذين ينتهون من إحدى رواياتي لا أحب أن أبعثهم في عمل جديد، بل أبحث عن آخرين.