أمام مضايقات المتمردين الحوثيين، وتدخلهم الدائم في أعمال البنك المركزي اليمني، ونهبهم أموال الدولة، لم يجد محافظ البنك المركزي محمد بن همام بدا من تقديم استقالته، عقب تزايد التدخل في شؤون عمله، وفرض الحوثيون عليه تسديد مبالغ مالية ضخمة تقدر بعشرات المليارات من الريالات، بذريعة ما يسمونه "دعم المجهود الحربي". ولم تتردد الحكومة اليمنية في فرض الإقامة الجبرية على ابن همام، ومنعته من التنقل والسفر، خوفا من هروبه وإعلان انضمامه إلى الحكومة الشرعية لليمن. وأشار مصدر حكومي -رفض الكشف عن اسمه خوفا من المضايقات- في تصريح إلى "الوطن" أن المتمردين رفضوا استقالة المحافظ، وطلبوا منه الاستمرار في عمله، وعدم مغادرة منزله إلا لمقر البنك، وهددوه بالتصفية الجسدية إذا رفض الانصياع لتعليماتهم. كما وضعوا دوريات للحراسة أمام المنزل على مدى ساعات اليوم. مشيرا إلى أن ما أثار مخاوف المتمردين من لحاق ابن همام بالمقاومة، هو إعلان الحكومة الشرعية عن قرب استئناف عمل البنك المركزي من مدينة عدن التي تم تحريرها مؤخرا. ومضى المصدر بالقول إن ابن همام كان قد رفض في وقت سابق مطالب حوثية لتوفير مبالغ مالية كدعم للمتمردين لتمويل اعتداءاتهم على المدنيين، واعتكف في منزله عقب قيام مجاميع حوثية بمهاجمة خزينة البنك، والاستيلاء على 107 ملايين دولار "23 مليار ريال يمني"، في شهر أبريل الماضي، ورفض العودة إلى ممارسة عمله إلا بعد وساطات من زملائه، بعد أن تعهدت قيادات حوثية بعدم تكرار الأمر، ووعدها بالتحقيق في الحادثة، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإعادة الأموال مرة أخرى، وهو ما لم يتحقق حتى تاريخه. وخلال الأسبوع الماضي طالبت قيادات بارزة من الحركة المتمردة البنك المركزي بتوفير مبلغ 20 مليار ريال لدعم العمليات الحربية، إلا أن ابن همام رفض تنفيذ ذلك الطلب، مشيرا إلى أن خزينة البنك لا تحتمل تسديد هذا المبلغ في الوقت الراهن بسبب الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، إلا أن بعض الحوثيين تطاولوا عليه بالسب والشتم والتهديد، ما دفعه إلى تقديم استقالته. وكانت مجاميع حوثية قد اعتدت كذلك في أبريل الماضي على مقر البنك المركزي في الضالع وقامت بنهب مبالغ مالية ضخمة، ورفضت إعادتها مرة أخرى، وذلك لتسيير أعمالهم الإجرامية. ولم تقف عمليات نهب الأموال العامة على الحوثيين فقط، بل أقدمت عناصر تنظيم القاعدة على مهاجمة فرع البنك المركزي اليمني، في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت خلال الشهر الماضي، ونهبت 17 مليار ريال كانت في خزينة الفرع، حيث تذرع أنصار التنظيم المتشدد بحاجتهم إلى هذه الأموال "من أجل تمكين شرع الله". وأشار المصدر إلى أن استقالة ابن همام الذي يتولى المنصب منذ 2010، تعتبر خسارة فادحة للاقتصاد اليمني، حيث تسبب بسياسته الحكيمة في وقف تدهور سعر صرف الريال اليمني، رغم ما تعيشه البلاد من تدهور شامل، وأسهم في استقرار الاقتصاد، مشيرا إلى أن المصلحة العامة للبلاد تقتضي العمل على حمايته وحفظ حياته.