أقدم تنظيم القاعدة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت على اتخاذ إجراءات عدة أشار متخصصون إلى أنه ستكون لها تأثير سيئ على النشاط الاقتصادي للمحافظة. إذ أغلق التنظيم المتشدد المحال والأسواق التجارية في المدينة ابتداء من يوم الثلاثاء الماضي بهدف ما أسماه "التفرغ للعبادة خلال العشر الأواخر من الشهر الفضيل". وأشارت مصادر محلية في المدينة إلى أن الإعلان الذي جاء قبل يومين دفع السكان إلى شراء حاجاتهم قبل المهلة المحددة لإغلاق الأسواق. مشيرة إلى أن تجار المدينة باتوا يشكون ركود حركة التسوق والبيع والشراء؛ بسبب تدخلات مسلحي القاعدة في شؤونهم وأعمالهم.وخلال الفترة الماضية، خرجت تظاهرات شعبية للمطالبة بخروج عناصر التنظيم من المدينة، بسبب تدخلهم في جميع تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين. ونشر التنظيم مسلحين في أرجاء المدينة يؤدون مهمات الشرطة، وينتشر مسلحوه بالقرب من المراكز التجارية الكبيرة وأسواق النساء، لمنع الاختلاط بين الرجال والنساء، كما بدأوا حملة لإزالة لوحات الإعلانات في الشوارع، ولافتات المحال التجارية التي تحوي صور نساء.وقالت المصادر إن مسلحي التنظيم قاموا، بشكل مفاجئ، بطلاء معظم اللافتات التي تحوي صور نساء باللون الأسود. وأشارت إلى أن هذه الحملة استهدفت حتى الإعلانات التي تحوي صور "نساء يرتدين النقاب"، بينما استثنت الحملة الصور الرجالية. ووفقا للمصادر، فإن عناصر التنظيم حذروا ملاك المحال من عرض أي إعلانات تحوي صور نساء. في السياق ذاته، واصل التنظيم حملته الشديدة على بيع وزراعة القات، إذ فرض عقوبات مالية قاسية على المتاجرين بالنبتة، ربما تصل إلى حد الغرامة مليون ريال ومصادرة السيارات المستخدمة في ترحيلها. ورغم إشادة بعض المواطنين بحظر بيع القات، إلا أنهم تحفظوا على توجيه العقوبات نحو صغار البائعين، مشيرين إلى أن هؤلاء في غالب الأحوال من الفقراء الذين يمارسون عملية البيع للحصول على مبالغ بسيطة تساعدهم على إعالة عائلاتهم. كما لجأ متشددو التنظيم إلى سحب السيارات الحكومية المرافقة لمسؤولين محليين. وقال ناشطون إن أفراد التنظيم يبررون هذه الخطوة بأن السيارات الحكومية ينبغي أن تعود إلى بيت مال المسلمين. وتفاقمت الأزمات المعيشية في المدينة منذ سيطرة عناصر القاعدة عليها، إذ أغلقت أغلب المحال التجارية والشركات الخاصة، وأُعلن عن توقف مشاريع استثمارية كبيرة، وتم تسريح آلاف الموظفين. كما تسجل المدينة شحا في المشتقات النفطية منذ شهر أبريل الماضي، الأمر الذي دفع البعض لإيجاد سوق سوداء تبيع الوقود بأضعاف السعر العادي. وقال الناشط محمود صالح إن المكلا تعيش أوضاعا سيئة وترديا في الخدمات العامة، إذ تنعدم المواد الغذائية وينقطع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وهناك شح في الوقود، إذ تصطف مئات السيارات يوميا للحصول على البنزين الذي يحتاج إلى المبيت أمام محطات التعبئة من ثلاثة إلى أربعة أيام". وأوضح صالح أن أغلب السكان أصبحوا دون عمل، وغير قادرين على تغطية تكاليف معيشتهم، وأنه شاهد صاحب إحدى العمارات السكنية يقوم بإخراج المستأجرين من بنايته لعدم قدرتهم على دفع الإيجار. ويسيطر تنظيم القاعدة على أغلب المنشآت الحيوية بالمدينة ومنها ميناء المكلا، وهو الميناء الرئيس لليمن على البحر العربي. وكانت عناصر القاعدة أقدمت عقب اجتياحها المكلا على اقتحام البنك المركزي ونهب خزينته بالكامل، إذ أكدت مصادر أن جملة المبلغ المنهوب يتجاوز 85 مليون دولار، كما اقتحم المتطرفون مصارف أخرى مثل فرع مصرف التضامن، وفرع مصرف اليمن الدولي، ونهبت الأموال الموجودة بهذه الأفرع، وفقا لمصادر محلية. وتحت ضغوط مشددة مارسها الأهالي، وافقت عناصر التنظيم على دفع مبالغ مالية لتسديد مرتبات الموظفين، وهو ما عُدّ دليلا على أنهم ما زالوا يحتفظون بتلك الأموال التي نهبت من المصارف. وتم الإعلان أخيرا عن اتفاق بين عناصر القاعدة وحلف قبائل حضرموت على تشكيل مجلس أهلي مشترك لإدارة شؤون المدينة تحت اسم "المجلس الأهلي الحضرمي". .. وسكان المدينة يتأهبون للثورة ضد المتشددين كشفت مصادر داخل مدينة المكلا أن هناك بوادر ثورة شعبية يخطط شباب المدينة للقيام بها ضد عناصر تنظيم القاعدة التي باتت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، ويفرضون كثيرا من القيود على سكان المدينة، ويحاصرونهم وعائلاتهم بالتعليمات والتوجيهات والأوامر، للدرجة التي دفعت كثيرا من سكان المدينة إلى مغادرتها والنزوح نحو مناطق أخرى. وكانت تظاهرات محدودة انطلقت خلال الفترة الماضية في شوارع المدينة، إذ طالب المتظاهرون – وأغلبهم من طلاب المدارس والجامعات - السلطات المحلية بالتدخل وكف أيدي الميليشيات عن تدخلاتها السافرة في شؤون المواطنين، محذرة من عواقب وخيمة إذا لم يتم ذلك، وإذا ما واصل المتشددون إقحام أنفسهم في شؤون لا تخصهم. وأضاف المتظاهرون أن المتشددين باتوا يتدخلون في حياة الناس الخاصة، دون مراعاة لخصوصيتهم، مستشهدين بحادثة اقتحام رباط الروضة للدراسات الإسلامية بالمكلا. إذ اقتحمت مجموعة منهم حفلا ترفيهيا أقامه الطلاب في ختام عامهم الدراسي، وأفاد شهود عيان أن العناصر قامت بإيقاف الفعاليات بقوة السلاح، كما اعتدت على عدد من الطلاب الرباط، وحطمت أدوات استخدمها الطلاب في الحفل، وتوعدتهم في حالة تكرار ذلك الحفل بالاعتقال.