فيما أسفر التنسيق بين تنظيمي القاعدة والحوثي الإرهابيين عن تحرير 450 معتقلا، بينهم تسع نساء من سجن المكلا جنوب شرقي اليمن فجر أول من أمس، تجولت "الوطن" بعد 24 ساعة من العملية داخل أروقة السجن ووثقت ميدانيا، وعبر شهود عيان، تفاصيل آلية تحرير المعتقلين في الهجوم الذي استخدم فيه المسلحون قذائف "آر بي جي" وأسلحة رشاشة وقنابل يدوية. وعاشت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، أمس، يومها الثاني من حالة العنف والفوضى وسط عمليات نهب وسلب طالت عددا من المؤسسات التجارية الخاصة والحكومية، وسط قلق من السكان حيال هرب القيادي البارز في التنظيم خالد باطرفي وتزعمه عصابات القنابل الموقوتة داخل الأحياء السكنية. عاشت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت شرق اليمن، أمس يومها الثاني من حالة العنف والفوضى، وسط عمليات نهب وسلب، طالت عددا من المؤسسات التجارية، الحكومية والخاصة، ومكاتب الوزارات، والبنك المركزي، الذي كانت بداخله مبالغ تفوق 17 مليار ريال يمني، وفقا لبعض المصادر المالية بالمحافظة، ونهبت على أيدي عناصر من تنظيمي القاعدة والحوثي الذين هربوا عددا من الإرهابيين. من بينهم قيادي بارز في التنظيم، يدعى خالد باطرفي. وكشف مصدر أمني ل"الوطن" أمس تفاصيل العملية التي دعمتها تكتلات من التنظيم والحوثيين قائلا "بدأ الهجوم على المدينة في ساعة متأخرة ليلة أول من أمس، وشن مسلحو التنظيم هجمات مباغتة على عدة أهداف في وقت متزامن، وكانت أولى نتائج تلك الهجمات هروب أكثر من 450 سجينا، وتسع سجينات، وبقاء السجن خاويا على عروشه، والآن المساجين يملأون شوارع المدينة، كقنبلة موقوتة قد تستخدم في أي لحظة، في سيناريو أُعد بعناية فائقة، وشاركت في تنفيذه عدة جهات، لأهداف مختلفة، كلها تصب في استهداف حضرموت الأرض والإنسان". اشتباكات عنيفة وأضاف "بدأت عملية الهجوم على السجن المركزي في تمام الساعة الواحدة والنصف فجر الخميس، لتندلع حينها اشتباكات عنيفة بين المهاجمين وحراس السجن، الذين قتل أغلبهم، واستخدم المهاجمون الأسلحة الرشاشة والمتوسطة والقذائف المُضادة للدروع "آر بي جي"، والقنابل اليدوية. كما شن آخرون هجوما متزامنا من الجهة الخلفية للسجن الواقع على تل جبلي، واستمرت الاشتباكات لساعات طويلة، قبل أن تنتهي بسيطرة عناصر القاعدة، في ظل عدم إرسال السلطات لأي تعزيزات عسكرية. وتعرض السجن بعدها لعمليات نهب، طالت كل شيء بداخله". وأشار المصدر الأمني إلى أن التنظيم الإرهابي تمكن من إطلاق سراح أحد أبرز قياداته، ويدعى خالد باطرفي، وهو قيادي في فرع التنظيم بمحافظة أبين الجنوبية، كانت السلطات اعتقلته عام 2011، وبحوزته كمية من المتفجرات، قرب ساحة التغيير بمحافظة تعز في شمال اليمن، واستخدمه نظام الرئيس اليمني السابق علي صالح، كدليل على أن ساحة التغيير تحوي بعض الإرهابيين. فيما نشر بعض المُتعاطفين مع القاعدة صورة لباطرفي، وهو يقف بجوار "خور المكلا" بعد تهريبه من السجن. تنبيه مبكر وكانت مصادر في وزارة الداخلية اليمنية تحدثت في وقت سابق أن مدير السجن المركزي، العقيد حسن باعلوي، أبلغ عن تلقيه عددا من التهديدات من عناصر القاعدة تُطالبه فيها بالإفراج عن بعض المحسوبين عليها، مضيفة أن المهاجمين أقدموا على إحراق كل الوثائق والملفات الموجودة في السجن، فيما قامت مجاميع أخرى بنهب المكاتب والمكيفات والطاولات، حتى مخازن الطعام الخاصة بالسجناء، كما شنوا هجمات مشابهة على بقية مراكز التوقيف بالمدينة، شملت مقر جهاز الشرطة بالمدينة، ومبنى مديرية أمن المحافظة، والقصر الرئاسي، ومبنى الأمن السياسي، وكذلك الحال بالنسبة للمجمع الحكومي، وديوان المحافظة، ومباني النيابة، والمحكمة الجزائية، والقصر السلطاني، وإذاعة المكلا قبل أن يتم إحراق غالبية هذه المقار عقب نهبها. وتشكل عملية إحراق إذاعة المكلا خسارة فادحة لما تمتلكه المحافظة من أرشيف إذاعي، هو حصيلة الخمسين عاما الماضية، ورجح شهود عيان من المحافظة أن المكلا سقطت بيد مسلحي عناصر التنظيم في أقل من ساعتين عقب سيطرتها، على المدينة بالسيطرة على مداخلها والأحياء والشوارع، وسقوط مقار أمنية مهمة من دون أي مقاومة تذكر، عدا اشتباكات متقطعة خاضتها قوات قيادة المنطقة العسكرية الثانية في شوارع وأحياء المدينة القديمة، استخدمت فيها الدبابات والطيران العمودي. غير أن تلك الاشتباكات توقف بصورة مريبة. سهلت من إحكام عناصر التنظيم الإرهابي على ما تبقى من المدينة. كما تعرضت منازل مواطنين للقصف العشوائي، بقذائف الدبابات والطائرات المروحية، مما أجبرهم على إخلائها، والنزوح إلى المساجد القريبة. أسئلة حائرة وأثار سقوط معسكرات الثورة، والحرس الجمهوري، وشرطة النجدة، بيد عناصر القاعدة، حالة من الذهول لدى سكان المدينة، خصوصا أن هناك الكثير من الجنود المدججين بالسلاح في تلك المعسكرات، ما دفع السكان إلى اتهام السلطات بتسليم المدينة، ومنذ سيطرة عناصر التنظيم، لوحظ قيامهم بنشر دوريات مسلحة في شوارعها، فيما توزعت قيادات على مساجد المدينة، لإلقاء عدد من الخطابات على جموع المصلين، وسط تغطية إعلامية. من جانبه، كشف مرصد حضرموت لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، عن تمكنه من انتشال جثة لأحد عناصر الحراسات الخاصة للسجن المركزي بالمكلا، وقد بدت عليها مظاهر التعفن. وقال المرصد إن عشرات البلاغات تصله عن حالات إصابات في صفوف الجيش وعناصر القاعدة والمدنيين، غير أنه قال إنه لا يستطيع التأكد من نوعية تلك البلاغات، في ظل رفض كلا الجانبين الكشف عن الإصابات في صفوفهما. نداء ومناشدة كما وجه المرصد الحقوقي نداء إغاثة للأطباء للتوجه إلى مشافي المدينة، للتعامل مع الحالات التي تصلها، وحتى كتابة هذا التقرير لا يزال عناصر القاعدة يواصلون سيطرتهم على ميناء المكلا الاستراتيجي، عقب هروب عناصر الأمن المركزي والجيش المكلفين بحمايته. إلى ذلك، يتخوف أبناء حضرموت من استمرار حالة الفوضى، مع يقينهم أن هناك خلايا حوثية نائمة، تتوزع على تقسيمات المحافظة الثلاث، الساحل، والوادي، وبدرجة أقل الصحراء، خصوصا مع وجود قوات عسكرية وألوية محسوبة على نظام الرئيس المخلوع صالح، وبالتالي ضد الشرعية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي. في هذا السياق، قال الناشط السياسي، شيبوب العوبثاني إن هذا التخوف له ما يبرره، لاسيما أن سكان محافظة حضرموت لم يألفوا على تجميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة أسوة بقبائل في محافظات أخرى، مطالبا قوات التحالف الذي تقوده المملكة بأن لا تترك قبائل وسكّان حضرموت بدون مساعدة، مشيرا إلى أنه يتحدث نيابة مشايخ وأعيان ووجهاء وقادة اللجان الشعبية. وأضاف "أناشد قوات التحالف العربي، والرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، بأن ينظروا إلي أبناء حضرموت ويؤازروهم، وأن يدعموهم ماديا ومعنويا، فهم بحاجة ماسة إلى مؤونة وسيارات لنقل المقاتلين، وسلاح وذخيرة لتسليح أنفسهم وأبنائهم من جميع الطبقات الاجتماعية والفكرية، للدفاع عن الدين، والشرعية، والوطن.