تحتفظ ذاكرة الناقد الدكتور سعيد السريحي بذكريات رمضانية جميلة، استعاد جزءا منها في هذا الحوار السريع الذي أجرته معه "الوطن"، وحاولت الغوص في ذاكرته ليستعيد شيئا من الذكريات الرمضانية في العصر الجميل، فإلى الحوار: ماذا تحمل ذاكرتك عن رمضان ؟ تحمل ذاكرتي رائحة أمي، وهي تعد لنا طعام الإفطار، وإذا كانت أمي حاضرة طوال العام، فإن رمضان يمنحها حضورا أكثر تجسيدا لكل المعاني الاجتماعية والدينية. هل تتذكر شيئا من تفاصيل قصتك مع الصوم الأول؟ لا أتذكر أبدا تفاصيل عن صوم اليوم الأول في حياتي، وما أتذكره فقط أنني بدأت الصوم قبل المرحلة الابتدائية. ما الذي كان يدفعك كطفل للصوم وانت في ذلك السن؟ شعوري أن من حولي وهما أبي وأمي وأختي الصغرى يحتفون بهذا الشهر ويصومون فيه، فإذا كانت أختي أصغر مني ولا تصوم فإن الصيام يعني لي أني أكبر منها وأقرب لأن أكون مثل أبي وأمي. ماذا تتذكر أيضا عن رمضان في مرحلة الصبا والشباب؟ أتذكر في أيام المدرسة الثانوية حين كنت وبعض الأصدقاء نختصر الطريق إلى البيت وكان طويلا، كي ننام في المسجد حتى صلاة العصر ونأتي من ثانوية الشاطئ لباب مكة ثم ننام في أحد المساجد ونواصل بعد صلاة العصر الطريق إلى المنزل في الرويس وكان النوم في المسجد اختصارا لحر الصيف فالمسجد كان مكيفا بينما منازلنا لم يكن بها آنذاك مكيفات. ماذا كنتم تعملون في ليالي رمضان؟ أتذكر وصديقي زكي زاهي حينما كنا نعد جدولا لليالي رمضان، نحدد فيه الألعاب التي سنلعبها والأغاني التي سنترنم بها، أتذكر أننا كنا نحاول أن يكون لنا برامج محددة ومجدولة، وإن كانت المسألة لا تتجاوز أن تكون مجرد أفكار على الورق ثم نلهو ما نشاء أن نلهو به. رحلتك مع الدراسة في رمضان؟ لم يكن رمضان يختلف كثيرا عن بقية فصول السنة في الدراسة، فأتذكر أننا كنا نختبر اختبار نصف العام في رمضان ونحن طلاب في المرحلة الابتدائية، ثم توالت الفصول كي أشهد رمضان وأنا في قسم اللغة العربية في كلية الشريعة بمكة، وكان فصلا شديد الحرارة، ومع ذلك لم نكن نتشكي كما يشتكي طلاب المدارس الآن، ولم نكن نطالب بإجازة كما يطالب بها طلاب المدارس الآن، كان رمضان كمثل بقية الفصول نصومه وندرس دون أن نلمس تعارضا بين هذا وذاك. ما برنامجك كمثقف وأديب في رمضان؟ ليالي رمضان ربما تمنحك فرصة للقراءة والكتابة، غير اني في نهاراته لا أستطيع أن أنوء بحمل القراءة والكتابة والصيام. ما أكثر المواقف العالقة بذهنك من رمضان؟ جربت مرة السفر في رمضان، فشعرت أني لا أخرج من البلد فحسب، وإنما أخرج من رمضان كذلك، ورمضان يرتبط لدي ارتباطا كاملا ببيتي وبأسرتي والوطن لذلك كانت تلك هي المرة الوحيدة التي جربت فيها السفر خارج المملكة ثم تبت عن ذلك. في شهر رمضان من عام 1409 ناقشت رسالة الدكتوراه التي أثارت الجدل.. ماذا في ذاكرتك من هذا الحدث؟ لا أريد أن أربط بين رمضان وقصتي مع مناقشة الدكتوراه، فرمضان أجل من أن يُربط بحوادث عارضة، كانت ليلة مناقشتي في رمضان، وكان بإمكان أن تكون في أي ليلة أخرى، غير أني أنزه رمضان عن أن أستعيد فيه تلك الذكريات التي لا يمكن أن تكون متلائمة مع رمضان وعدله ورحمته وتسامحه. كلمة أخيرة تود أن تقولها؟ أرجو أن يكون في هذه الإجابات ما يفيد القارئ.