لم يجد المواطن اليمني وسيلة يعبر بها عن معاناته من انعدام السلع الأساسية وصعوبة الحصول على مستلزماته الحياتية غير الخروج إلى الشارع، بعد أن ضاق من استهتار المتمردين بمعاناته. فقط تعاظمت معاناة المواطن اليمني الناتجة عن انعدام معظم الخدمات الأساسية مع ارتفاع الأسعار، ما دفع الكثيرين إلى استخدام الوسائل السلمية المتاحة في مطالبة الحوثيين بتوفير مقومات الحياة للمواطنين. وتركزت تلك المطالب على إعادة التيار الكهربائي وتوفير الوقود، خصوصاً غاز الطهي المنزلي، والبنزين، والديزل. إضافة إلى ضبط مَن يبيعون هذه السلع بأسعار مرتفعة وعبوات ناقصة في السوق السوداء. واستنكر سياسيون قيام الحوثيين بتكريس أنواع الوقود المخصص لخدمة المواطنين ومرافق الدولة، باسم المجهود الحربي، كما يصف الحوثيون ذلك. مشيرين إلى أن هذا الإجراء "خطأ كبير إنْ لم تكن جريمة شنيعة ضد الدولة والشعب". وأضافوا أن مخصصات المواطنين من المشتقات النفطية لا تذهب لمصلحة المجهود الحربي، بل تباع في السوق السوداء للمواطنين بأسعار مضاعفة. وهو ما ينعكس سلبا على حياة المواطنين. كما تناقل عشرات المدونين صوراً من الأحياء والمناطق التي يعيشون فيها، وتنتشر فيها أكوام النفايات بعد تراكمها، منذ أسابيع، وعدم قدرة سلطات الأمر الواقع على رفعها لانعدام وقود شاحنات جمع القمامة. وقال أحد المواطنين في تغريدة على موقع تويتر "صنعاء لم تعش من قبل كارثة تراكم النفايات، كما تعيشها اليوم، حيث تمتلئ الأحياء والأرصفة بجبال من النفايات ما سبب انتشار الحشرات والأمراض في هذا الصيف الحار الذي يساعد على سهولة تفشي الأمراض". ورغم عدالة المطالب التي نادى بها اليمنيون إلا أن ردة فعل المتمردين الحوثيين لم تكن بنفس ما يستحقه الأمر من أهمية واهتمام، بل سعوا إلى محاولة امتصاصها عن طريق بعض المنشورات على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بصورة أثارت السخرية والنقمة في آن واحد. ففي الوقت الذي ينتظر منهم سكان المحافظات اليمنية إيجاد حلول جذرية لمشكلة الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، لمواجهة موجة الحرّ المتزايدة بعد دخول فصل الصيف، نصح الصحفي محمد المقالح، عضو ما يسمى ب"اللجنة الثورية العليا" التابعة لجماعة الحوثي، سكان المحافظات الساحلية بالإكثار من مضغ نبتة القات. مشيراً إلى أن هذه النبتة ستساعد في تخفيف آثار الحرّ على الناس. وكتب على صفحته "يا أهل المناطق الحارة، أكثروا، يرحمكم الله، من القات، فلا مثيل له في تخفيف وقع الحرّ والعرق على جسد المخزّن". أما مسؤول العلاقات السياسية للحوثيين، حسين العزي، فقد اتهم المنتقدين بأنهم "يستغلون معاناة اليمنيين" ليتعمدوا اتهام جهات أو أشخاص بعينهم بالتقصير، معتبراً في منشور له بموقع فيسبوك أن من يقوم بذلك، إنما يخدم العدوان، في إشارة إلى الانتقادات الحادة التي توجه لجماعته بسبب تكدس القمامة وارتفاع أسعار غاز الطبخ والمواد الغذائية وندرة المشتقات النفطية الأخرى. وتتصاعد حالة تذمر واسعة من تصرفات الحوثيين حيال الأزمة الحالية ولجوئهم إلى إلقاء اللوم في كل شيء على خصومهم. وتشهد العاصمة ومعظم المحافظات أزمة خانقة في الغاز المنزلي، إذ ارتفع سعره ليبلغ في المتوسط 4 آلاف ريال يمني، بينما كان سعر الأنبوبة قبل العدوان الحوثي لا يتجاوز 1400 ريال. وكان تقرير أممي قد أشار إلى أن أسعار القمح في اليمن قد ارتفعت بنسبة 80% منذ بداية الحرب في نهاية مارس الماضي، كما ارتفعت أسعار الوقود بنسبة 500 في المئة، وكان لزيادة أسعار هاتين السلعتين أثر مدمر على قدرة المجتمعات اليمنية على التكيف مع تداعيات الحرب.