منذ دخولك مسار فعاليات "رمضاننا كدا2" بالمنطقة التاريخية بجدة، فإنه يجذبك كل شيء فيها، لارتباطها بالحقب والعصور الماضية، إلا أنك وبمجرد وصولك إلى "برحة الرسامين"، يستوقفك منظر الزوار وهم يتحلقون حول أحد الفنانين، مركزين عدسات هواتفهم النقالة وكاميراتهم الرقمية على لوحته، بل يكاد يضيق بك المكان، حتى تجد موطأ قدم فارغ لتعلم ما يرسمه الفنان. كل من قدم إلى برحة الرسامين، لا يخرج منها إلا برسالة إعجاب للأعمال الفنية، التي يقدمها الفنانون والفنانات التشكيليون في الفعاليات، على مختلف المذاهب والمدارس التشكيلية المختلفة "الكلاسيكية، والواقعية، والمستقبلية"، وغيرها. المدرسة التشكيلية التي ينتمي إليها الفنان حاضرة بين أنامله وتعبير ما يقوم برسمه، إلا أن معالم المنطقة التاريخية العتيقة حاضرة في الكثير من اللوحات، وما يتقاطع مع رسالة الفعاليات، بتعزيز هوية تاريخية جدة وثقافة الإنسان والبنيان فيها، وبخاصة بين الجيل الجديد من الشباب. فلسفة المتحلقين حول الفنانين، تختلف من شخص لآخر، فبعضهم لديه الميول نفسها من عشق الرسم التشكيلي، وآخرون يمكن القول عنهم إن جمالية اللوحة خطفت أبصارهم قبل عدسات كاميراتهم، فاصطفوا أمام اللوحة تحية إجلال للعمل الفني. ديناميكية "برحة الرسامين"، تحمل في طياتها دلالات مختلفة، فهناك من أبدع في استخدام الفحم في الرسم، وآخرون اتجهوا إلى الألواح الزيتية، لكن اللوحة التي تحلق حولها العديد من الزوار لوحة "بورتريه" رسمها أحد الفنانين لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيما اندمج آخرون مع فنان آخر يقوم بنحت رسمه على حبات الرز. زويا وأركان "برحة الرسامين" تسطر لوحة جمالية تزين من خلالها فعاليات "رمضاننا كدا2"، وتتيح للزائرين استراحة هدوء، يمتعون فيها أبصارهم برسومات تضفي عليهم طابعا نفسيا إيجابيا. أشار مسؤول "برحة الرسامين" إيهاب الحداد إلى أن النشاط يتركز في تعريف الجمهور بطبيعة عمل الفنانين، وطريقة استخدامهم للألوان وآلية عملهم، وهي أساس الفكرة. وأضاف أن فريق عمل الرسامين مكون من 20 فنانا، تتنوع مجالات الرسم لديهم بحسب اهتماماتهم، كالرسم بالفحم، والألوان الزيتية، والرسم بالأكريلك والباستيل، وهناك النحت على الفلين، والكتابة بأدق الأقلام على حبة الرز وغيرها من الفنون. ومن شروط الانضمام لفريق الرسامين، الموهبة، والقدرة على إدهاش الزوار، وهنا يقول الحداد: "إن وجود الفنانين في الفعاليات، بمثابة فرصة عمل يمكن لهم الاستفادة ماديا منها، بتنفيذ أعمال فنية للزوار بمبالغ رمزية". ما يمكن استخلاصه في الموقع الفني والمغاير أن إقبال وتذوق الزوار للرسومات شجع الرسامين على الإبداع في تنفيذ أعمالهم، ما يعطي تصورا إيجابيا عن البرحة بوجه خاص، والفعاليات بشكل عام.