لم تفلح مناشدات هيئة مستشفى الثورة الحكومي بمحافظة تعز جنوبي اليمن، في إقناع الانقلابيين الحوثيين والموالين لفلول المخلوع علي عبدالله صالح، بضرورة التوقف عن استهداف مقر المستشفى، وقصف مبناه، والتعرض للعاملين فيه، باعتبار ذلك انتهاكا يرقى إلى مستوى جرائم الحرب التي تحرمها كل القوانين. وطوال شهرين مضيا، عمدت قوات الانقلابيين التي تخوض حربا شرسة في مواجهة المؤيدين للشرعية، إلى قصف المستشفى، وإطلاق الرصاص الحي صوب الممرضين وأطقم الإسعاف، وأدى ذلك إلى خسائر مادية وبشرية. وقدم مصدر طبي إحصاء دقيقا إلى "الوطن"، رصده الطبيب المتطوع في المستشفى الدكتور أحمد الدميني، بانتهاكات الحوثيين وصالح، والتي بلغت أكثر من 20 اعتداء، خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، وتنوعت بين إطلاق قذائف على أقسام مختلفة فيه، وإصابة مرضى موجودين داخله، وإطلاق قناصة حوثيون النار على مسعفين وأطباء، وإردائهم قتلى أو جرحى. وعلى الرغم من المناشدات المستمرة من إدارة المستشفى، وبلاغاتها لكل الأطراف بأنه يخلو من المظاهر المسلحة، ولا يوجد داخله مسلحون يتبعون لأي طرف، وأنه يمارس دوره الطبيعي دون أي تدخل فيما يحدث؛ إلا أن ميليشيات الحوثي جعلت كل شيء في تعز هدفا لها، ولم تفرق بين موقع للمقاومة الشعبية، أو مستشفى يضمد جراحات الجميع، سواء من هذا الطرف أو ذاك، حسب المصدر الطبي. وناشد الدميني في إحصائيته تلك كل المنظمات والمؤسسات التي تعنى بالمسألة الإنسانية والإغاثية، التدخل سريعا لعمل ما يلزم ووقف الانتهاكات المستمرة، التي تطال المستشفى وكوادره. ومن أبرز تلك الانتهاكات، مقتل المسعف عبدالحليم الأصبحي بإصابة مباشرة في الرأس، وإصابة السائق جمال القدسي برصاص قناص حوثي بالقرب من المطار القديم، واستهداف قسم العناية المركزة، نهاية أبريل الماضي بقذيفة مدفعية، ووفاة أحد المرضى وإصابة ممرض كانا داخل القسم، ودمرت القذيفة القسم بشكل كلي. ويورد الإحصاء عددا كبيرا من قذائف الهاون التي تساقطت على المستشفى أو بالجوار منه، وتضرر أقسام مختلفة، ومن تلك الأقسام، تضرر قسم التنويم وقسم الحسابات، وقسم الكلية الصناعية، وقسم الأسنان، وقسم جراحة الأطفال والمختبر، وقسم الأطراف، وقسم الحروق، وقسم النساء والولادة. وتنوعت الأضرار التي أصابت تلك الأقسام، بين تدمير كلي للبعض، وجزئي للبعض الآخر، وتضرر الأجهزة الموجودة في كل الأقسام المذكورة. كما أجبر الانقلابيون إدارة المستشفى على نقل قسم الطوارئ إلى قسم الحروق، بسبب استهدافهم مبنى الطوارئ، ليتعرض القسم المستحدث أيضا لاعتداء جديد. ولم تقتصر جرائم الحوثيين في هذا الجانب على قصفهم للمستشفى وملحقاته، بل امتدت إلى محاولاتهم فرض حصار عليه من كل النواحي، من خلال إتلافهم شبكة المياه مطلع الشهر الجاري، وتحكمهم في كميات المشتقات النفطية، الأمر الذي أدى إلى توقف مركز الكلية الصناعية بشكل كلي، والتسبب في وفاة ثلاثة من مرضى الفشل الكلوي. كما لم تقتصر خسائر هذا القصف على الجانب المادي فقط، فقد تسبب سقوط القذائف في مقتل وإصابة عدد من حراس المستشفى أو الممرضين أو المرضى القادمين للعلاج. ويعد مستشفى الثورة العام بتعز أحد أهم المستشفيات العامة في المدينة ويقوم بدور كبير في ظل الحرب المتواصلة التي تشنها ميليشيا الحوثي وصالح على المدينة منذ أكثر من شهر.