فيما أسفر انفجار في أحد المساجد ببلدة القديح بمحافظة القطيف أمس عن وقوع استشهاد 21 مصليا وإصابة 102 آخرين، جراء قيام أحد الأشخاص بتفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ملابسه، علمت "الوطن" من مصادر في البلدة أن العملية جاءت بعد تخطيط امتد لأكثر من أسبوع. وقالت المصادر إن الجاني تردد على الموقع لأكثر من أسبوع قبل تنفيذ الجريمة، حيث تقمص دور متسول بزي عامل آسيوي يستجدي الناس، لمعرفة كل التفاصيل اللازمة لتنفيذ مخططه. وكشفت المصادر أن الجاني اختار تنفيذ العملية بمسجد الإمام علي في بلدة القديح بعد أن فشل في تنفيذها بمساجد أخرى بالقطيف، وهو ما جعله يسارع لارتكاب جريمته، حيث فجر نفسه في الصفوف الخلفية للمصلين بالمسجد، إذ كان يرغب في الإيقاع بأكبر قدر ممكن من الضحايا. وفي بيان رسمي لوزارة الداخلية حول العملية، صرح المتحدث الأمني بالوزارة قائلا: إنه إلحاقا لما سبق إعلانه عن وقوع انفجار في أحد المساجد ببلدة القديح بمحافظة القطيف، فقد اتضح أنه أثناء أداء المصلين لشعائر إقامة صلاة الجمعة بمسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح بمحافظة القطيف، قام أحد الأشخاص بتفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ملابسه مما نتح عنه مقتله واستشهاد وإصابة عدد من المصلين. وقد باشرت الجهات المختصة مهامها في نقل المصابين إلى المستشفى، وتنفيذ إجراءات ضبط الجريمة الإرهابية والتحقيق فيها، ولا يزال الحادث محل المتابعة الأمنية. وتابع البيان "وزارة الداخلية إذ تعلن ذلك لتؤكد بأن الجهات الأمنية لن تألو جهدا في ملاحقة كل من تورط في هذه الجريمة الإرهابية الآثمة من عملاء أرباب الفتن الذين يسعون للنيل من وحدة النسيج الوطني بالمملكة، والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء الشرعي لنيل جزائهم العادل. والله الهادي إلى سواء". من جهته، زار محافظ القطيف خالد الصفيان، الموقع وقابل الأهالي وأكد ل"الوطن" خلال الزيارة، أن جميع الأجهزة الحكومية تتعامل مع الواقعة ونتائجها بكل جدية، مشيرا إلى أن التعليمات صدرت لملاحقة المتورطين في هذه الجريمة، وتقديمهم للعدالة. كما أشار إلى تجنيد كل الطاقات والإمكانات لمعالجة المصابين. إلى ذلك، دانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بشدة الحادثة الإرهابية التي استهدفت المصلين ببلدة القديح بمحافظة القطيف، وعدتها جريمة بشعة تهدف إلى ضرب وحدة الشعب السعودي وزعزعة استقراره، ويقف وراءها بلا شك إرهابيون مجرمون لهم أجندات خارجية، بحسب وصفها، وليس لهم ذمة ولا يراعون حرمة، وغاظهم أشد الغيظ قيام المملكة بواجباتها الدينية والعربية والإسلامية. وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: إن وعي الشعب السعودي سيكون بعد الله تعالى أقوى رادع لهؤلاء الإرهابيين الذين نزع الإيمان من قلوبهم، ويطمعون أن يوقعوا الفتنة بين أفراد هذا الشعب الكريم الذي اجتمع على ولاة أمره وتحقق له الأمن والرخاء والاستقرار في محيط مضطرب تعصف به الفتن والحروب. وطالب الجميع من مواطنين وعلماء ومثقفين بأن يتنادوا إلى تقوية اللحمة الداخلية وتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين الذين ما فتئوا ومنذ عقود يتحينون الفرصة لخلخلة أمن واستقرار بلاد الحرمين الشريفين، ولكن الله تعالى لهم بالمرصاد ثم المواطن الذي هو رجل الأمن الأول ورجال أمننا البواسل الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن حرمات هذا الدين وحدوده وأمنه واستقراره، وثقتنا فيهم كبيرة بعد الله تعالى في تقديم من يقف خلف هذه العملية الإرهابية للقضاء لينال عقوبته الشرعية الرادعة. كما استدعت الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية الطواقم الطبية والتمريضية في المحافظة للمشاركة في إسعاف المرضى وعلاجهم عبر المستشفيات الحكومية والأهلية التي استقبلت الضحايا، كما أعلن مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر استقبال الراغبين في التبرع وهو ما حذا حذوه كثير مستشفيات المنطقة. وتزاحم الناس في القديح قادمين من مدن القطيف وقراها لمشاركة الأهالي ومواساتهم، وتفقد ذويهم، كما شهدت مواقع التواصل دعوات حاشدة للتبرع لضحايا حادث القديح من مختلف أطياف المجتمع، حيث شهدت المستشفيات إقبالا لافتا في التبرع، خصوصا من فئة الشباب. وتحدثت "الوطن"، مع عدد من الموجودين في موقع التفجير الإرهابي، وأكدوا على أن العمل الإرهابي لن يغير في التلاحم بين أبناء الوطن، مهما حاول دعاة الإرهاب ذلك. تنديد دولي دانت كثير من دول العالم جريمة تفجير مسجد ببلدة القديح في القطيف أمس، وأعربت عن تعازيها في ضحايا الحادث. البيت الأبيض: حزينون لفقدان الأرواح دان البيت الأبيض الهجوم الانتحاري الدامي الذي استهدف مسجدا خلال صلاة الجمعة في القطيف شرق السعودية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست "نعرب عن حزننا لفقدان الأرواح وندين هذا العنف". وأضاف إيرنست أن تحديد المسؤول هو أمر لا يزال خاضعا للمراجعة. مصر: نتضامن لمواجهة الإرهاب أعربت مصر عن بالغ تعازيها في ضحايا الحادث الذي وقع أمس في مسجد بمحافظة القطيف. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبدالعاطي إن "مصر تعلن وقوفها وتضامنها الكامل مع المملكة حكومة وشعبا في مواجهة الإرهاب الغاشم". البحرين: ندعم الإجراءات الأمنية دانت البحرين التفجير الإرهابي بأحد المساجد ببلدة القديح في محافظة القطيف. وقال بيان لوزارة الداخلية البحرينية أمس: "نؤكد دعمنا الكامل للإجراءات الأمنية المتخذة لضمان أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، مشددين على أن البحرين تقف قلبا وقالبا مع شقيقتها السعودية في خندق واحد للتصدي للأعمال الإرهابية والإجرامية".