أكتب عن إدارة الأزمات من خلال ما أشاهده كمواطن محب لوطنه بذل أسلافي دماءهم رخيصة فداء له، كما بذل أسلاف غيري من أبناء هذا الوطن الأبيّ وليس كمسؤول، في هذه العاصفة الحازمة تمنيت أن أكون جنديا لأذود عن هذه البلاد الطاهرة، فسخرت قلمي ومداده وكل ما أملك من مشاعر وأفكار لأسطرها، وذلك أقل ما أقدم من جهد بعد الدعاء الخالص لإخواني المجاهدين المرابطين على الحدود نصرهم الله وأيدهم وسدد رميهم وحفظهم من كل مكروه. في كل أزمة تمر بها بلادنا المقدسة، نجد أنفسنا أمام تنسيق عال واستعداد مبهر في التعامل مع الأزمات، والشواهد كثيرة والأمثلة أكثر، ففي عاصفة الحزم رأينا تنسيقا وتكاتفا منقطع النظير وكل فرد من أبناء هذا الوطن كان جنديا في موقعه، بل الحياة طبيعية، ولم يحس أحد بأجواء الحرب المرعبة التي تبعد بضعة كليومترات عن بعض المناطق الجنوبية، وكان الكل ودون استثناء جنودا ذائدين عن العقيدة والبلاد، ضاربين أروع الأمثلة في الولاء وصدق الانتماء. وبفضل من الله لم نلحظ ارتباكا أو قصورا في أي خدمة أو جهاز حكومي، أو خلل في أمن أو تعليم أو صحة، كل ذلك علامات تريح المواطن البسيط، ولكن هذه الأزمة التي نمر بها الآن أوضحت مدى الأخطار المحيطة ببلادنا، والنجاح الذي شهدنا به جميعا في إدارة الأزمة الراهنة، ولكن من الحقوق التي علي أن أعرضها وأبذلها حبا وولاء وذودا عن العقيدة والوطن وهي الضرورة الملحة لإنشاء هيئة أو مركز يسمى "مركز الدراسات الاستراتيجية وإدارة الأزمات"، والهدف من هذا المركز ما يلي: 1- تفادي ما تقع فيه كثير من الدول التي تحدث بها الأزمات، إذ يكتشفون مشاكل حادة تتعلق بعدم القدرة على التعامل مع الأزمات عمليا. 2- حصر مصادر الأزمات المتوقعة وإعداد أبحاث والأخذ بتجارب الدول التي حدثت بها أزمات مماثلة عربيا أو إسلاميا أو دوليا. 3- الاستفادة من الخبرات التراكمية المكتسبة والتوقعات العلمية المبنية على فهم الإشارات التحذيرية والتحليلات العلمية لدى جميع القطاعات كل فيما يخصه لمعالجة الأزمات. 4- ترتيب الأزمات المتوقعة ويتم ترتيبها بعد حصرها حسب قيمتها الاحتمالية وحجم الخسائر والأضرار البشرية والعادية الناتجة عنها، من خلال هذه الفقرة والفقرة "3" يعد سجل للأزمات. 5- التنبؤ بالأزمات المتوقعة وهي مرحلة استباقية استكشافية، فإعداد السيناريو للتعامل مع أي أزمة متوقعة والهدف منها احتواء الأزمة ومنع الانتشار والمحافظة على الأوضاع لتبقى في وضعها العادي قدر المستطاع. 6- يهدف المركز إلى تحديد أساليب العمل الناجحة في مختلف مراحل أي أزمة "مرحلة ما قبل وقوع الأزمة، ومرحلة أثناء وقوع الأزمة، ومرحلة ما بعد وقوع الأزمة". 7- يكون لهذا المركز شقان: نظري وعملي، الشق النظري من خلال ما عرضنا وما سنعرض من أهداف لإنشائه، أما العملي فهو أن يكون مركزا ذا موقع قيادي بالنسبة لمختلف أجهزة وقطاعات الدولة، بحيث تكون له سلطات واختصاصات تجاوز التقسيمات الإدارية. 8- يتيح المركز من خلال التنبؤ بالأزمات عبر الإنذار المبكر تحديد السيناريوهات والاعتمادات المالية، وإعداد جهات سريعة التحرك، وبذلك تصبح أي أزمة غير مفاجئة أبدا. 9- يعمل المركز على جمع جميع المعلومات من جميع القطاعات في تأطير للعمل الجماعي، ما يزيد من القدرة على التفسير الصحيح لعلامات الإنذار البكر وتشخيص وجود الأزمة. إن الهدف العام لهذا المركز للدراسات الاستراتيجية وإدارة الأزمات، هو الرفع من جهوزية وأعمال الإنقاذ واحتواء المواقف المختلفة، والمحافظة على الأوضاع الطبيعية، والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن معالجة الأزمة، مع زيادة الكفاءة الإغاثية والفاعلية في العمل، بما يضمن تناغما في سرعة الاستجابة بين جميع الأجهزة، وأنا على ثقة أن ما عُرض لم يغب عن فكر مسؤولينا وفقهم الله.