يتألم الجسد اليمني بأكمله للألم الذي تعيشه مدينة عدن اليمنية، المدينة المحبوبة لدى كل اليمنيين أياً كانت توجهاتهم وانتماءاتهم وموقعهم الجغرافي. وفيما تتعرض عدن، وأبناؤها المسالمون، لأسوأ عُدوان عرفته المدينة في تاريخها، حيث يعْمدُ الحوثيون الإرهابيون إلى تحويل جمالها المعهود، إلى قبح يشابه القبح الذي تفيض به قلوبهم، يتابعُ المواطنون العاديون، باهتمام وقلق بالغين، ذلك العدوان المستمر لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح، على العدنيين، ويئنون كما لو أن تلك القذائف التي تصوبها أحقاد الحوثيين وانتقام صالح باتجاه عدن، تخترق أكباد كل أبناء اليمن. في الشمال والغرب والشرق والوسط والجنوب، الكل يرقب ما يجري هناك، فعدن، خاصرة اليمن، التي تبعد عن صعدة وصنعاء ومأرب والمهرة مئات الكيلومترات هي في الحقيقة أقرب ما تكون إلى شغاف قلوب المنتمين إلى هذه المناطق وغيرها، وحدهما الحوثي وصالح من يحشدان لقتل سلام المدينة وأمنها. كل من يقع خارج عدن، يفعل ما بوسعه للتخفيف من ألم هذه المدينة ودعم أبنائها الأبطال الصامدين داخلها في وجه هذه الهمجية وهذا العدوان، الذي يعده الجميع عدواناً على كل اليمن من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. "الوطن" رصدت كثيرا من المبادرات والمواقف التي يتبناها ناشطون من محافظات ومدن يمنية مختلفة، وتهدف إلى نجدة مدينة عدن المنكوبة، التي يسعى الانقلابيون لتحويلها إلى مدينة أشباح بفعل عدوانهم الشنيع. ففي محافظة تعز، نظم ناشطون حملة للتبرع بالدم لجرحى أبناء عدن، وشهدت مراكز التبرع، خلال اليومين الماضيين، إقبالاً كثيفاً للمواطنين الذين يبدون استعداداً لبذل أرواحهم من أجل هذه المدينة التي تشكل رمزاً مهماً لوحدة البلاد كلها وتآلف أبنائها، كما أوفد أبناء المدينة أكثر من قافلة، تتنوع ما بين القوافل الغذائية والطبية، وسيّروها إلى مدينة عدن للتخفيف من المعاناة.ونظمت منظمات للمجتمع المدني مبادرة تحت شعار (رسالة السلام من تعز إلى عدن)، دعت من خلالها إلى تقديم المعونات الطبية والمواد الدوائية والإسعافية ومستلزمات وحاجات النازحين من أغطية البرد والخيام المتنقلة والمواد الغذائية.وقال أحد القائمين على هذه المبادرة: إن هذا المجهود يهدف إلى نشر رسالة إنسانية، وأخرى إلى الانقلابيين بأن اليمن كله جزء واحد وسيقف جميعه في مواجهة انقلابهم وتمردهم على الشرعية.وفي محافظة إب وسط اليمن، ومحافظات يمنية أخرى، تخرج مسيرات حاشدة بشكل شبه يومي، تندد بتمدد ميليشيات الانقلابيين، ومنه محاولة تمددهم إلى محافظة عدن. ويؤكد المتظاهرون في تلك المسيرات تضامنهم المطلق ضد هذا العدوان الانقلابي، رافعين صوراً لشهداء عدن الذين أَزهقت أرواحهم عنجهية المتمردين. وعلى مستوى القوى والتكتلات السياسية، فإن غالبية الأحزاب السياسية في اليمن بمختلف توجهاتها، أصدرت بيانات شديدة اللهجة تندد بالحرب على عدن وتصفها ب"الظالمة والعدوانية"، وتدعو إلى سرعة وقفها.وتلحظ بقوة انشغال اليمنيين وحزنهم على ما يجري في عدن من قتل وإرهاب وبطش وترويع، من خلال جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و"تويتر"، حيث تمتلئ الصفحات بعبارات التضامن والإشادة والدعم لإخوانهم في محافظة عدن. وأخيراً، فإن المدينة المذكورة تظل حاضرة في أذهان ومخيلات اليمنيين جميعهم. ويظل وضعها كذلك، محل اهتمام وتوجس لكل مواطن يملك ذرة من الانتماء للتراب اليمني.