بترحاب كبير استقبل اليمنيون فجر أمس نبأ التدخل العسكري العربي في بلادهم لوقف تقدم قوات الحوثي المتمردة المدعومة من قوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بعد أن تزايد يأسهم في قبول المتمردين لمبدأ الحوار وميلهم نحو استخدام مقدرات الدولة العسكرية ضد الشرعية، والمسارعة لفرض أمر واقع على الأرض. وأكد مدير الإعلام في محافظة عدن أبو بكر الجبولي أن التدخل الخليجي العربي كان بمثابة طوق النجاة الأخير الذي بحث عنه الشعب اليمني كثيرا، بعد أن استقوت الجماعة المتمردة بالسلاح، واختارت القوة لغة وحيدة للتعامل مع الأمر، مشيرا إلى استنفاد كل الخيارات الأخرى. وقال في تصريحات صحفية إلى "الوطن": "التدخل العسكري كان خيارا أخيرا للمملكة ولدول الخليج والدول العربية، أملا في أن ينصاع الحوثي إلى صوت العقل، ويقدم مصلحة بلاده على ما سواها، لكنه اختار الحرب والعنف وسيلة وحيدة للتفاهم، ورفع السلاح في وجه الشعب، وبلغ به الاستكبار أنه لم يعد يطيق حتى مجرد المظاهرات السلمية التي تخرج للتعبير عن الرأي، فأطلق الرصاص الحي على صدور المتظاهرين العزل في صنعاء والضالع وتعز وعدن، لذلك فإن السبيل الوحيد الذي يمكن التفاهم به في هذه الحالة هو الحزم والردع". وفنَّد الجبولي دعاوى الحوثيين بأن اليمن يتعرض لاعتداء خارجي، مشيرا إلى أن الجماعة المتمردة لا يحق لها إطلاق مثل هذه الاتهامات، بعد أن كانت أول من استقوى بالآخرين، وأرادت رمي اليمن - أصل العروبة - في أحضان عدوها الفارسي، وأضاف "الحوثيون في الأصل مجرد أداة استخدمها الرئيس السابق علي عبدالله صالح لتحقيق مآربه الخاصة بالعودة إلى كرسي الحكم، وتنصيب نجله أحمد رئيسا للبلاد، رغما عن رغبة اليمنيين الذين ثاروا في السابق ضده، وسطروا أعظم الملامح حتى تم اقتلاعه من كرسي الحكم. كما أنهم ارتموا في أحضان إيران، وظلوا طوال تلك السنوات يقبلون دعمها العسكري والمالي والسياسي، ودأبوا طوال تاريخهم على تمكينها من التدخل في شؤون البلاد الداخلية، وعمالة الحوثيين لإيران لا تحتاج إلى دليل فهي أوضح من ذلك". واسترسل الجبولي قائلا "اليمن امتداد طبيعي لمنطقة الخليج العربي خاصة وللدول العربية عامة، فهذا هو وضعه منذ فجر التاريخ، وظلت المملكة على مدار السنوات الماضية سندا لليمنيين، إيمانا منها بحتمية التاريخ المشترك والمصير الواحد. لذلك فإن التدخل العسكري العربي في اليمن، الذي أتى بناء على طلب من القيادة السياسية والرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، هو إجراء طبيعي مطلوب، ومرحب به من الشعب اليمني. كما أنه ليس إجراء أحادي الجانب، فهناك عشر دول عربية تشارك في ردع التدخل الإيراني في اليمن". ووجه الجبولي انتقادات حادة لجماعة الحوثيين قائلا "هل كانوا يريدون من العالم أن يتفرج عليهم، وهم يغتصبون الدولة، ويرمونها في حضن العدو الأول للأمة العربية؟ فقد مدَّ العالم حبال الصبر طويلا في انتظار أن يعود هؤلاء المتمردون عن غيهم، ويقبلوا بالحوار، وطلب منهم أن يجلسوا إلى طاولة الحوار في الرياض فأبوا، وطلبت منهم الأممالمتحدة ممثلة في مبعوثها الدولي إلى اليمن جمال بنعمر التفاوض في الدوحة، فلم يقبلوا كذلك، وظنوا أن بإمكانهم حسم الأمر عسكريا وفرض الأمر الواقع بالقوة، ولم يكونوا يرغبون إلا في كسب الوقت واجتياح عدن للسيطرة على البلاد، لذلك لم يكن هناك من حل سوى اللجوء إلى القوة والحزم ضدهم". ودعا الجبولي إلى تحييد سلاح الجو اليمني وتكثيف الضربات الجوية لمواقع الحوثيين، مشيرا إلى أن الشعب اليمني لن يتأسف على انهيار الجيش اليمني، لأنه لم يكن في يوم من الأيام جيشا وطنيا بالمعنى المعروف، وقال "الجيش اليمني ظل على الدوام جيشا عائليا يتحرك بإمرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ويخضع لرغباته، وفي كل التطورات التي شهدتها اليمن خلال الفترة السابقة كانت قوات الجيش التي تنال مرتباتها من أموال الشعب تستجيب لأوامر المتمردين، وما حدث بالأمس القريب في مطار عدن يؤكد ذلك، إذ إن قوات اللواء 39 المنوط بها حماية المطار انحازت للحوثيين المتمردين وتخلت عن واجبها المقدس، بل وأسهمت في سيطرة المتمردين على المطار. لذلك فإن الشعب اليمني لن يبكي على انهيار مثل هذا الجيش العائلي الذي ليست لديه عقيدة وطنية". واختتم الجبولي حديثه بالتأكيد على ضرورة تجنب الأخطاء السابقة والبدء في إنشاء جيش جديد على أسس وطنية، بعيدا عن المناطقية والمذهبية، وقال "لن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار في ظل هذا الجيش الذي يأتمر بأوامر شخص واحد، لدوافع قبلية ومصالح خاصة، لذلك فإن على الدول العربية مساعدة الحكومة اليمنية لإنشاء جيش جديد على أسس قومية، حتى يكون حاميا للبلاد ورادعا لكل من تسول له نفسه العبث بأمنها".