"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". نلاحظ هذه الأيام انتشار الإشاعات في أوساط المجتمع رجالا ونساء، خاصة مع اتساع رقعة التواصل الاجتماعي ك"تويتر" و"واتساب"، وتعد الإشاعات الكاذبة والأراجيف الباطلة من أخطر الرذائل التي بليت بها مجتمعاتنا العربية والإسلامية في العصر الحاضر. هذه الإشاعات تؤدي بلا شك إلى انتشار الفوضى في هذه المجتمعات، وتضعف الثقة بين أبنائها، وتنشر بينهم سوء الظن المبني على الأوهام لا على الحقائق. كما تلحق الإشاعات الكاذبة بالمجتمع كله خسائر فادحة من الناحية المادية والمعنوية. ولقد عانى المجتمع الإسلامي الأول في عهد النبوة من الإشاعات التي كان البعض منها يستهدف شخص رسول الله، عليه الصلاة والسلام، في وقت الأزمات، كما أشيع مثلا في معركة أحد بعد انكسار المسلمين الموقت عن مقتل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بهدف تشتيت المسلمين واستئصال شأفتهم، أو كحادثة الإفك ضد أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، رضي الله عنها، التي برّأها ربها من فوق سبع سموات، تلك الحادثة التي تولى كبرها رأس النفاق في المدينة عبدالله بن أُبّي بن سلول وتسببت لنبينا، صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين بالآلام النفسية المبرحة حتى نزلت فيها آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لكنها تركت للمسلمين تراثا وثقافة ومنهجية راسخة في التعامل مع الإشاعات، لو التزمناها لتغلبنا على الإشاعات والإرجافات. الإشاعة في زمننا هذا سريعة الانتشار، بسبب وسائل الأجهزة الذكية وزمن الفتن وكثرة الهرج والمرج في منطقتنا، وللأسف تنتشر الإشاعة بين أفراد المجتمع نتيجة وجود حالات من الفراغ الثقافي وعدم السير على المناهج العلمية في التعامل مع أي خبر، ومعرفة الظروف التي دفعت لظهور الإشاعة، وعدم إدراك المخاطر الناجمة عنها، دون تبصر وتفكير صائب وبحث عن الحقيقة، وأعتقد أن تصديق الإشاعات يختلف باختلاف الفئات الموجهة إليها، ويختلف أيضا حسب درجة ثقافة وعلم المستقبلين لها، لو فسرنا كلمة إشاعة فما هي إلا كذبة روجها أفراد ليصدقها مجتمع بأكمله سواء علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. وهناك أقسام كثيرة للإشاعة، فمنها ما يستهدفُ إثارة الخوف والقلق، ومنها ما يهدف مروجوها من ورائها إلى النيل من سمعة أناس شرفاء أو الضغط كي تتحول إلى حقيقة، كالحصول على منافع اجتماعية واقتصادية، هناك إشاعات تضر أفرادا وأخرى تتربص بمنشآت وكيانات. هناك نوع من الإشاعات يطلق لقياس الرأي العام حول موضوع ما، لكن الاستمرار في عدم الرد على الإشاعات بصورة مباشرة وفورية يتيح زيادة انتشارها. ولنتق الله بما يردنا عبر "الواتس" أو "التويتر" أو غيرها من وسائل الاتصال والمعلومات من أخبار كاذبة تضر الفرد والأسرة، بل والمجتمع بأكمله.