عاش الهلاليون أجواء غير طبيعية أول من أمس، فما أن انتهت مباراة نهائي كأس ولي العهد بتلقيهم الخسارة 1 /2 أمام الأهلي، حتى فاجأهم الأمير عبدالرحمن بن مساعد باستقالته من رئاسة النادي بفاصل زمني لم يتجاوز الساعتين عن صافرة نهايتها، وذلك في أول رد فعل على أوضاع النادي الإدارية والفنية التي وصلت إلى حالة لم يشهدها النادي. وفور إطلاق الحكم السعودي الدولي تركي الخضير صافرته معلنا فوز الأهلي بدأت موجة الغضب العارم ضد الرئيس الهلالي، وهي موجة لم تكن وليدة اللحظة، بل نغمة متكررة، بدأت منذ ما يزيد عن عامين إثر تراجع نتائج الفريق الكروي الأول وغيابه عن لقب الدوري الممتاز خلال المواسم الثلاثة الماضية، فضلاً عن عجزه عن تحقيق لقب كأس خادم الحرمين الشريفين منذ انطلاق المسابقة 2008، إضافة إلى المحاولات المتواصلة لنيل لقب دوري الأبطال الآسيوي، كان آخرها الموسم الجاري الذي خسر فيه النهائي أمام نظيره الأسترالي ويسترن سيدني مطلع نوفمبر الماضي، دون إغفال المحاولات المتكررة غير الموفقة طوال السنوات الماضية والخروج من الأدوار المتقدمة من فرق أقل تاريخا وإمكانات. رعاية وعقود ورغم أن الفريق الهلالي وجد الدعم المالي غير المحدود من عقود الرعاية التي وقعت هذا الموسم، ولامست ال100 مليون ريالا، فضلاً عن عقد شركة موبايلي في السنوات الماضية التي كانت تقدم سنويا ما يزيد عن 70 مليون ريال، إضافة إلى دعم أعضاء الشرف ماليا وتكفلهم بعقود مدربين ولاعبين أجانب ومحليين وتقديمهم مكافآت مالية خاصة للاعبين بعشرات الملايين سنوياً، إلا أن سوء الإدارة والتفرد باتخاذ القرارات أدى إلى انقسامات شرفية وجماهيرية خلال المواسم الثلاث الأخيرة، وكانت النتيجة الابتعاد عن البطولات لعامين كاملين، حيث كانت آخر بطولة حققها الأزرق في مطلع فبراير 2013 هي بطولة كأس ولي العهد أمام الغريم التقليدي النصر بركلات الترجيح 4/3 بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي 1/1. ولم يعتد الهلاليون الغياب لفترة طويلة عن ملامسة الذهب التي تعد عادة سنوية، حيث لا يمر موسم دون أن تكون للنادي بصمة واضحة بنيل أحد الألقاب، وهو الأمر الذي فشل فيه الفريق الموسم المنصرم، وتواصل في الموسم الجاري حيث لم يتبق له سوى الصراع على نيل لقب كأس خادم الحرمين الشريفين، في حين تعد الحسابات معقدة جدا فيما يخص المنافسة على نيل لقب دوري عبداللطيف جميل للمحترفين، وتحتاج إلى معجزة في ظل السباق المحموم بين النصر "المتصدر" والأهلي "الوصيف" نحو نيل اللقب قياسا بالاستقرار الإداري والفني والمعنوي لكل منهما، ما سيعينهما على التنافس على تحقيق اللقب الكبير خطوة شجاعة ووصف الناقد الرياضي مدني رحيمي قرار الرئيس الهلالي بإعلانه الاستقالة بالخطوة الشجاعة، مشيدا بالفترة التي قضاها في منصبه وإثرائه الساحة الرياضية بالعلاقات المميزة مع المنافسين، وقال "شخصية الأمير عبدالرحمن بن مساعد محبوبة ومحترمة قدمت لنادي الهلال كثيرا في السنوات الماضية، ولكن خلال فترته تم تغيير عدد من المدربين واللاعبين، وحتى الرتم الإداري كان له آثاره بشكل عام على النادي، وهذا يوجد حتى في المؤسسات التجارية، فالتغيير ليس عيبا إذا كان هناك خلل، والاستقالة هي أحد الحلول، وكثير من الأندية تحتاج إلى تغيير النفس الإداري، أو اتباع أسلوب جديد بعد وقت من الزمن لإعادة التنظيم". وشدد رحيمي على أنه من الاستحالة تحقيق كل البطولات لأي فريق لوجود منافسين آخرين يعملون بدورهم على المنافسة، منوها بأن العمل الجاد كان واضحاً في إدارة الأمير عبدالرحمن في سنواته الأولى، وحقق إنجازات جيدة جداً قبل أن يتراجع بعد ذلك، وقال "أرى أن الأمير عبدالرحمن من الرؤساء الناجحين في تاريخ الهلال نظير ما قدم من إنجازات وله تاريخ حافل". وأكد رحيمي أن طبيعة جمهور الهلال لا تقبل بأن يكون فريقها سوى في القمة، ولا يترك موسما دون أن يضع له بصمة بتحقيق بطولة على أقل تقدير، مشيرا إلى أن تولي نجم الفريق السابق سامي الجابر قيادة الدفة الفنية للفريق الأول أدى إلى انقسامات شرفية وجماهيرية في أوساط الهلاليين أدت إلى الفتنة وهو الأمر غير المعتاد عليهم. وتابع "في السنتين الأخيرتين ظهرت المشاكل وتحديدا منذ تولي الجابر تدريب الفريق، وانقسم الهلاليون إلى قسمين بين مؤيد ومعارض، وحتى إقالة الجابر نهاية الموسم الماضي كانت بسبب صراعات داخلية كانت تحدث داخل البيت الهلالي بين الشرفيين طفت على السطح لأول مرة في الهلال، وهذا أمر غير معتاد منهم، بعد أن كان هناك في النادي ستار "حديدي" يمنع تسريب أي معلومة لأي كان، ولاحظنا تناقضا في التصريحات وهجوما متبادلا بين أعضاء الشرف ومجلس الإدارة لم يكن يحدث سابقا". تراجع الهيبة وأوضح أن استقالة ابن مساعد تأتي لعشقه للنادي وأنه يريد وضع حد لتراجع الأداء الفني للفريق، خصوصا أن هيبة القميص الأزرق تراجعت كثيرا في الموسمين الأخيرين، منوها بأن الهلاليين قادرون على تجاوز هذه المرحلة واختيار رئيس جديد للمرحلة المقبلة. وكان الأمير عبدالرحمن بن مساعد وضع حدا لرئاسته للنادي وقدم استقالته من منصبه بعد ستة أعوام ونصف العام، عندما غرد على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" (أعلن استقالتي من رئاسة نادي الهلال وهناك رجال أكفاء كثر من الهلاليين لديهم القدرة على رئاسة النادي والقيام بأعبائه وفقنا الله لما يحب ويرضى). وعلمت "الوطن" أن اجتماعا شرفيا عاجلا سيعقد خلال الساعات المقبلة لتحديد من يقود دفة النادي خلال الفترة المقبلة لحين عقد اجتماع جمعية عمومية عادية لتنصيب إدارة موقتة حتى يتم ترشيح مجلس إدارة جديد يبدأ العمل في الصيف المقبل.