رحل رشيد الزلامي، الإنسان بخلقه "الجميل"، والسعيد ب"بشاشته المعروفة"، والأب الذي احتضن الأقارب قبل الأبناء والأحفاد، رحل ودعوات الرحمة تلاحقه من كل مكان، وكأنه كان يعد العدة لهذا اليوم بذاك الخلق الرفيع، ودعاء الشعر، وتدريس الفضيلة عبر الكلمة الرصينة، وصولا إلى إعلانه اعتزال الشعر قبل نحو عام. رحل "رشيد" الشاعر المحاور فوق العادة، الذي عده متابعوه من عمالقة الشعر النبطي بالمملكة، والشاعر الشمولي الذي يقتنص المعنى بسرعة "بديهته" على الهواء مباشرة، إلا أنه لم يختلق معاني "قبيحة" في شعره، بل كانت نياته "صافية" وردوده وافية، وكلماته دروسا مجانية للشعراء من بعده. رشيد الزلامي المولود عام 1926 تربى في كنف البادية البسيطة الكريمة الغيورة على دينها ووطنها، والمحبة لقادتها، فلا أحد ينسى قصيدته الشعرية التي وجهها لصديقه الشاعر الكويتي قائلا "هذا الفهد ذخر الفهد في محله.. اللي إذا شطت ويبسن الأرياق.. أنته وانا ومعزبك تحت ضله.. والله أحبه حب مخلص ومشتاق". هنا تمثل انتماء الزلامي لوطنه، وحبه لقادته، ليس في هذه القصيدة فقط، بل تبعها بقصائد وطنية أخرى في محافل ومناسبات وطنية. فقيد الشعر "رشيد الزلامي" أتم أمس 88 عاما، ووافاه أجله في آخر يوم من عام 2014، وكأن السنين تتنافس في الظفر بتاريخ وفاة هذا الشاعر، إلا أن حروفه وكلماته وأبياته وقصائده، هي التي ستخلد تاريخه في ذاكرة محبيه ومتذوقي الشعر، فيما سيتذكره أقاربه ومن عاش بجوارهم بأخلاقه وكرمه وسيرته. من عرف أبناءه جميل وتركي وبندر وفيصل، سيؤكد أن رشيدا لم يمت، فقد زرع في كل واحد منهم "رشيدا مستقلا"، سواء على مستوى الفعل أو القول، فأخذوا عنه حب الوطن والولاء لقادته، ونبل الخلق، وكرم الضيافة، ورصانة الكلمة. رحل "رشيد الشعر" وبقيت أبياته التي يقول فيها: أهل الحسد ما هم على باب الأرزاق ** رزقي على اللي كون الكون كله وحنا سعوديين يا طاق طرباق أحرار ما عشنا بعيشة مذله رجالنا لو هو على مكسر الساق حب الكرامة والوفاء عادة له