أسف وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل، على الحالة التي وصل إليها بعض أفراد المجتمع ممن يتعاطون مع الدين لا ليدعو إلى الله على بصيرة، بل ليؤوله على هواه ويتخذه مطية لتحقيق غاياته الخاصة الدنيوية، مؤكدا أن كل هؤلاء يتربصون بالبلد وأمنه ومنجزاته المتعاظمة الدوائر. وأكد الفيصل في كلمة ألقاها خلال جائزة الأمير فهد بن سلطان للتفوق العلمي لدى زيارته تبوك أمس، أن الحاجة قائمة للتحذير من حالمين واهمين بالتمدد إلى خارج حدودهم، وآخرين حاسدين حاقدين يعز عليهم ما تعيشه المملكة من نعم مقابل طوفان الفشل والدم عندهم. ودفع شح الأراضي في تبوك، بالفيصل إلى دعوة المجتمع للإسهام في إيجاد أراض داخل الأحياء لإقامة المشاريع التعليمية. كما كانت منطقة تبوك إحدى ضفاف الألم الذي أعقب حادثة "الدالوة" بالأحساء، اختار أمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان أن تحمل جائزته للتفوق العلمي لهذا العام اسم "الدالوة" عادا ذلك تعبيراً عن التلاحم والشعور ب "ألم الحدث" إضافة إلى "الاعتزاز" برجال الأمن وأبناء القرية "الحساوية"، فيما استعاد ضيف الجائزة وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل التنبيه الذي أطلقه في المحفل ذاته قبل 16 عاماً عن تطور صراع القرن العشرين بين قوى الشرق والغرب على مناطق النفوذ. وشهد حفل جائزة الأمير فهد بن سلطان للتوفق العلمي ال27 تكريم نحو 200 طالب وطالبة من التعليم العام والجامعي بالمنطقة، إضافة إلى عدد من التربويين، فيما كان ضيف الشرف لهذا العام وزير التربية والتعليم. دفعة "الدالوة" وقال أمير تبوك، في كلمته خلال الحفل: "شرف كبير أن يتوج هذا الحفل رجل من رجال المملكة الذين نعتز بهم ونفخر ونفاخر بهم، ويشاركني للمرة الثانية بعد 16 عاما، وليسمح لي سموه والحضور أنه تعبيراً عن التلاحم الذي أداه شعب المملكة ووقوفهم صفا واحدا تجاه ما حصل من جريمة شنعاء، ولأرواح الشهداء من أبناء قرية الدالوة في الأحساء، ورجال الأمن، أن نطلق على هذه الدفعة دفعة الدالوة، مؤكدين أن هذه الأحداث لن تزيدنا إلا صلابةً وقوة ووحدة ضد كل شرير أو أي دعاة للفرقة والفتنة"، وأضاف "شعرنا بألم كبير وغضب شديد لما حدث وفي الوقت نفسه شعرنا بعدها بدقائق باعتزاز كبير بأبنائنا في قرية الدالوة ومنطقة الأحساء عموماً واعتزازنا برجال الأمن الذين أنهوا بسرعة فائقة هذا الكابوس". من جانبه، أكد الأمير خالد الفيصل، في كلمته الخاصة بهذه المناسبة: "يسعدني أن أستهل بخالص الشكر والتقدير لراعي الجائزة على تفضله بدعوتي للمرة الثانية ضيفا لدورتها ال27، وأثمن عالياً حسه الوطني ومواصلة دعمه وتكريمه للمتفوقين والمتميزين من الكوادر العاملة في هذه الميادين طوال المسيرة الحافلة الموفقة لهذه الجائزة التي تستهدف تحفيز الهمم لتحقيق التفوق العلمي وإجراء الأبحاث والابتكارات العلمية في المنطقة إيمانا من سموه بأن بناء الإنسان هو الأساس الذي ترتكز عليه المجتمعات في تحقيق نهضتها الشاملة في كافة المجالات". تطوير الكفاءة وأضاف الفيصل: "رأينا كيف حصد أبناؤنا وبناتنا في التعليم العام على سبيل المثال المراكز الأولى عالميا في أكثر من منشط علمي، ولاشك أن هذه الجائزة ووصيفاتها تواكب الجهود العديدة القائمة وتساندها في تحقيق مشروعنا التنموي الطموح الذي يتبناه سيدي الملك عبدالله -يحفظه الله- للنهوض بالمملكة إلى آفاق العصر من خلال تأهيل الإنسان السعودي". واستعرض الفيصل تضاعف أعداد الجامعات والابتعاث مؤكدا أن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام يأتي في السياق ذاته، لإنتاج مخرج تعلمي قادر على التعامل مع مستجدات العصر وتأهيل شبابنا بجدارة لما بعد مرحلة التعليم العام، وتابع "هناك فعاليات كثيرة لا نستطيع في هذا المجال ذكرها تعمل على تطوير الشخصية السعودية بشكل عام وتعظيم كفاءتها لأداء دورها في منظومة التطوير العام للبلاد". تحذير ال16 عاما واستعاد وزير التربية تنبيهه في المحفل نفسه قبل سنوات وقال "إذا ما تطلعنا إلى المشهد القائم في عالم اليوم سوف نرى كيف تطور صراع القرن العشرين بين قوى الشرق والغرب على مناطق النفوذ الذي نبهت إليه ضمن كلمتي في هذا المحفل قبل 16 عاما، ولله الحمد والمنة المملكة تواصل مسيرة الخير والنماء في مناخ الأمن والرخاء ويتعاظم عندنا البناء في حين تعصف الفتن في كثير من أرجاء العالم البعيد والقريب من حدودنا، فتقتل وتدمر وتفكك الكيانات وتذهب بآمال الشعوب أدراج الرياح، وإجابتي التي أوردتها في كلمتي السابقة عام 1420 لا تزال قائمة تؤكد أن ثبات الحركة في المملكة على صحيح منهج الشريعة الإسلامية الذي اختاره الملك المؤسس طيب الله ثراه دستورا وحيداً للبلاد والتزام أبنائه من بعده كان العامل الأساس في استمرار الرفاء والأمن عندنا في الوقت الذي عصف توالي السلطات وتضارب مناهجها في بعض الدول هنا وهناك". تحديات إقليمية وعالمية وأشار الفيصل إلى أن المملكة تواجه تحديات إقليمية وعالمية تتلبسها تيارات فكرية وسياسية وأمنية هدامة، وقال "تشتد الحاجة إلى التحذير من أن هناك حالمين واهمين بالتمدد إلى خارج حدودهم وآخرين حاسدين حاقدين يعز عليهم ما نحن فيه من نعم مقابل طوفان الفشل والدم عندهم، بل إن بيننا مع الأسف من يتعاطى مع الدين لا ليدعو إلى الله على بصيرة دعوة الحق بل يؤوله على هواه ويتخذه مطية لتحقيق غاياته الخاصة الدنيوية، وكل هؤلاء وهؤلاء يتربصون الدوائر بنا وبمنجزاتنا المتعاظمة، ويحاولون التغرير ببعض شبابنا لسلوك طريق الغواية والضلال والهلاك خصما من حساب وطنهم والنكوص عن الطريق القويم لتحقيق ذواتهم وأداء دورهم في بناء هذا الوطن على نحو ما يفعل زملاؤهم من شبابنا الذين يسلكون بالجد والاجتهاد طريق العلم ونكرمهم اليوم على تفوقهم" مؤكداً أن من المهم حماية المكتسبات الوطنية وحراسة سفينة الوطن لتواصل حركتها الراشدة بقيادة ربانها الحكيم الملك عبدالله وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد. واختتم الأمير خالد الفيصل كلمته برسالة للمجتمع السعودي، قال فيها "أوجه رسالتي للمجتمع السعودي بأطيافه كافة وأخص الشباب رهان الحاضر وعماد المستقبل داعيا إلى التكاتف والتلاحم في نسيج الوطن الواحد، وأن يقوم كل منا بدور في حماية الوطن ومكتسباته وأن يبذل قصارى جهده في نهضته والتصدي بشدة لكل من يحاول عرقلة مسيرته المظفرة". إسهام المجتمع وفي محطة سابقة ضمن زيارة وزير التربية لمنطقة تبوك، طالب الأمير خالد الفيصل المجتمع بالمساعدة في إيجاد أراض داخل الأحياء لإقامة المشاريع التعليمية؛ وذلك إثر استماعه إلى بعض التحديات التي تواجه تعليم تبوك، ومن أبرزها مسألة توفر الأراضي. واستمع الفيصل، خلال حفل خطابي أقامته إدارة تعليم تبوك أمس؛ إلى أبرز التحديات التي سردها مدير تعليم تبوك الدكتور محمد اللحيدان ومن بينها المساحات المشترطة لإقامة المباني المدرسية، حيث قال "المساحات لا تتوفر في أغلب الأحياء، مما يتعذر معه إيجاد الأراضي لإقامة المباني المدرسية، فهناك أحياء فيها كثافة طلابية ولا نملك أراضي فيها، وإن ملكنا فهناك اشتراطات من قبل وزارة الشؤون البلدية من حيث المساحة والموقع". وأضاف اللحيدان "عدم توفر أراض كافية للمرافق التعليمية في المخططات التجارية" مطالباً بزيادة نسبة ال30 % المخصصة للخدمات، منوهاً بالكثافة السكانية بمنطقة تبوك. أولوية "التعليم" وحول المشاريع التعليمية المتعثرة التي وصلت لنحو 27 مشروعاً، أكد اللحيدان أن "مكمن الخلل يعود لضعف المؤسسات المنفذة" مستدركاً أن "سحب المشاريع سيؤخر العملية بشكل أكبر" وقال "أغلب المؤسسات ترفض استكمال مشاريع مسحوبة.. والتوجه الأخير أن يتم وضع حزمة مشاريع حتى لا تتقدم إلا المؤسسات الكبيرة والقادرة". من جانبه، أكد الفيصل في كلمته التي ألقاها بعد مشاهدته لفقرات الحفل الذي تضمن أوبريتاً قدمه بعض طلاب المدارس؛ أكد أن انتقال أي مجتمع لمستوى أفضل يتطلب ارتقاء مستوى التعليم؛ وأن مستوى التعليم لا يمكن أن يرتقي إلا بارتقاء مستوى المعلم والمعلمة، وقال "تأكدوا أن هذا الموضوع له الأولوية في سياسة وبرامج التعليم بالممكلة". وحول شح الأراضي، قال الفيصل "أقولها بكل صراحة إذا لم يساعدنا المجتمع وأهل الحي في كل مدينة.. أهل الحي يطالبون دائماً بمدارس أفضل بأحيائهم وأنا أطالبهم بأن يسهموا معنا بإيجاد الأراضي لبناء هذه المدارس بأحيائهم.. ليس لدينا أي مشكلة في إقامة أفضل مدرسة على أي أرض نجدها.. شاركونا تجدوا ما يسعدكم".