ناشدت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين المنبثقة عن رابطة العالم الإسلامي، المسلمين في كل أرجاء العالم بنبذ الفرقة والاختلاف، مؤكدة على ضرورة توحيد الصفوف، ونشر ثقافة الائتلاف، كما طالبت الهيئة المؤسسات الإعلامية في الدول الإسلامية بتنقية المحتوى الإعلامي مما يتعارض مع أخلاق الأمة وقيمها، والعمل على إبراز الصورة الحقيقية لهذا الدين بسماحته ووسطيته، تحذيراً للشباب المسلم من الانخراط في تيارات الغلو والتشدُّد. وقالت الهيئة في بيان أصدرته أمس تحت عنوان "نداء مكةالمكرمة من المشاعر المقدسة" إنه من منطلق المسؤولية التي تستشعرها تجاه الأمة ومن مشعر منىً في موسم الحج الذي يجتمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، بأنها تشعر بالقلق مما تواجهه الأمة الإسلامية من تحديات جسيمة داخلية وخارجية. وأضافت "أن الهيئة آلمها ما يجري اليوم في الساحة الإسلامية من فتن واضطرابات وسفك للدماء وانتهاك للحرمات بسبب الترويج لبعض المذاهب الباطلة التي تسعى إلى تشكيك المسلمين في ثوابت دينهم المعتمدة على كتاب ربهم وسنة رسولهم صلى الله عليه وسلم وفهم سلفهم الصالح، وبسبب الأفكار الغالية المنحرفة التي يسعى أعداء الإسلام وأصحاب الأهواء إلى زرعها والتمكين لها في مجتمعات المسلمين عن طريق الغُلاة الذين يعمقون في الأمة الفتن، ويهيئون الأسباب لتسلط أعدائها عليها وضرب وحدتها بإشاعة الاحتراب والفوضى بينهم وتدمير ثرواتها ومقدَّراتها وتقطيع أوصالها. وأضافت الهيئة بأنها "تابعت ما يجري في العراق من قتل وظلم وقهر وتشريد لأهل السنة، وأكدت أنه لا يقرُّه شرعٌ ولا عقل وهو يتنافى مع الرسالات الإلهية والمواثيق الدولية، ومع الأسف لا يوجد من يحرك ساكناً لرفع هذا الظلم وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وقالت "إن نزيف الدم السوري يجري بمرأى ومَسمَع من العالم، وبعد مرور أربع سنوات متعاقبة استعمل فيها النظام الظالم كل أدوات القتل والتدمير بما فيها الأسلحة الكيميائية والأسلحة المحرمة دولياً، والعالم يعلم ذلك حق العلم، ولا يحرك فيه ساكناً ولا يوقظ ضميراً". وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن ما يجري في اليمن حاليا بسبب التدخل الطائفي الخارجي، أدى إلى سفك الدماء واستباحة الأعراض والأموال بغير رادع من دين أو خلق. وقال البيان: "وإذ تستشعر الهيئة خطورة هذه الأوضاع فإنها تؤكد على مناشدة العالم بدوله ومؤسساته ومنظماته الدولية والإقليمية إلى ضرورة رعاية حقوق الإنسان التي عبث بكرامتها العابثون واعتدى عليها المعتدون. ونددت الهيئة بالتمدد الطائفي في أفريقيا وآسيا وغيرهما، فيما أشادت بالإجراءات الموفقة التي اتخذتها حكومات ماليزيا والمغرب والسودان في حماية أهل السنَّة منه، ومطالبة بقية البلاد السنيَّة بأن تحذو حذوها. واستنكرت الهيئة ما يجري من بعض الطوائف والجماعات من المجازفة بإطلاق أحكام التكفير والولوغ في الدماء والأموال بغير حق، واعتباره من أعظم أسباب الفتن التي توقع في الاحتراب والتنافر بين المسلمين، وأنه مدعاة لتشويه صورة الإسلام الصحيح، ويفتح الباب لأعداء الإسلام لإدراج السائرين على منهج السلف الصالح تحت الفكر المنحرف الغالي، ووصم الصالحين بالإرهاب، والتأكيد على أن هذه المجموعات مزروعة في جسم الأمة من قبل أعدائها، وأنها تفتقد العلم الشرعي والحكمة والبصيرة، وقد غررت بكثير من شباب المسلمين فالتحقوا بصفوفها غير مدركين لخطورة هذا الفكر المنحرف، فاستباحوا الدماء، وقاموا بأعمال لا تقرها شريعة، ولا عقل. وطالبت الهيئة علماء الأمة بتذكير المسلمين عموماً، والشباب خصوصاً، بأن الإسلام الصحيح هو الإسلام الوسط القائم على الكتاب والسنة وفقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم، والتأكيد على أن حماية الدين والمحافظة على ديار المسلمين ودمائهم وأموالهم وأعراضهم من أوجب الواجبات على القادة والعلماء، وأن يكونوا يداً واحدة فيما يحقق ذلك، كلٌّ فيما يخصه.