بوجه باسم اقترب الحاج الليبي محمد أبوالقاسم 62 عاما يسأل "الوطن" عن مقر بعثته التي تاه عنها، لترافقه بمساعدة أحد عناصر الكشافة في رحلته إلى المخيم، وبسؤاله عن رحلته من بلاده إلى المشاعر المقدسة التفت مترددا بالرد، وبعد لحظات صمت قليلة قرر الحديث قائلا "لو أن الأمر بيدي لاخترت التيه في المشاعر على العودة إلى ليبيا، وقصتي لا تختلف كثيرا عن الحجاج الليبيين الآخرين، فأصوات الانفجارات والاشتباكات اليومية بين الفئات المتقاتلة هي السمة الأبرز في بلادنا". وعند وصوله مقر بعثته، التفت وقال "أشعر بالاستقرار والسكينة في المشاعر المقدسة، لا أريد لذاكرتي بالعودة إلى الوراء، حان وقت الوداع لا شيء لدي لأضيفه"، وأتجه بخطوات سريعة إلى خيمته، وبالنظر إلى وجوه الحجاج الآخرين لإجراء حديث معهم، كانوا يبعدون نظرهم يمينا ويسارا، ليقول أحدهم بوجه يكسوه الغضب "ممنوعون من الحديث إلى الإعلام، نحن هنا للحج فقط، أرجو مغادرة المخيم فورا". وعلى بعد خطوات قليلة من الخيمة السابقة كان يجلس الحاج محمد عثمان من بنغازي 55 عاما، وهو يضع يده على خده يتأمل وجوه الحجاج، وعند الاقتراب إلى المخيم ابتسم مرحبا، ليقول عند سؤاله عن رحلة حجه "الحمد لله غادرت من بنغازي إلى المملكة عبر المطار وكانت رحلة سهلة لم نواجه فيها الصعوبات، لكن يوجد في أنحاء ليبيا من لم يستطع الحج لأسباب أمنية أو مادية، كما يعلم العالم الأوضاع الأمنية ليست مستقرة وهذا ينعكس سلبا على رحلة الحج لذوي الدخل المحدود، خصوصا هؤلاء المقيمين في القرى البعيدة عن المدن الرئيسة". وبالانتقال إلى عثمان محمد 64 عاما الذي كان يصغي إلى حديث "الوطن" مع سابقه، قال: قصص الراغبين بالحج هي الأشد تأثيرا، فالحجاج الذين يوجدون في المخيم جميعهم مستقرون ماديا، لكن من يرغبون بالحج أوقفتهم عوامل عدة يصعب حصرها جميعها، لكن أبرزها الخوف من الرحلات البرية المحفوفة بالمخاطر للذين لا يتمكنون من الذهاب جوا، وخشية ترك أهلهم وحيدين في ليبيا".