كما توحدت ملابس الحجيج وغاياتهم في مشعر منى، ذابت المذهبية في جموع الحجيج واصطفت مخيمات ضيوف الرحمن الذين تجاوروا في المخيمات بختلف طوائفهم وجنسياتهم ولغاتهم، وتلاشت الطائفية التي مزقت العالم الإسلامي خارجيا، بعد أن خلعها حجاج بيت الله الحرام مع ملابسهم وارتداء الإحرام. يقول حسين الحامد، من دولة البحرين، "الحج الذي جمع المسلمين بمختلف جنسياتهم وألوانهم كان كفيلا أن يذيب المذهبية المقيتة التي عصفت بالمسلمين خلال السنوات الأخيرة، وأنا كمسلم أشعر بسعادة غامرة وأنا أشاهد الحجيج بمختلف مذاهبهم وقد توحدت ملابسهم وغاياتهم وتوشحت قلوبهم البياض قبل أجسادهم، وهذا من أبرز غايات الحج الكبرى التي فرض من أجلها". أما الحاج عبدالرحمن العتيق من السعودية، فيقول "الحج من العبادات التي تذيب المذهبية بين المسلمين من خلال القيام بأعمال معينة في أوقات معينة كالوقوف بعرفة ورمي الجمرات وكذلك استشعار الوحدة من خلال ملابس الإحرام التي توحد الحجيج"، مشيرا إلى أن العالم الإسلامي بحاجة إلى الوحدة ونبذ الطائفية التي مزقت المسلمين وحولت البلدان الإسلامية إلى مواقع نزاع يقتل فيها المسلم أخاه تحت غطاء المذهبية. ويؤكد "أبو كاظم" من العراق أن العراقيين اكتووا بنيران الطائفية خلال الأعوام الأخيرة، مطالبا المسلمين بتعلم الدروس من الحج الذي يجتمع فيه أكثر من مليوني مسلم بلغات مختلفة ومذاهب متباينة، لكنهم يقفون في المشاعر جنبا إلى جنب معظمين شعائر الله تاركين المذهبية خلف ظهورهم، بعد أن وحدهم الحج والإحرام الأبيض.