يتبادر إلى ذهن الجميع سؤال يطرح نفسه في ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وتستوجب مواكبتها وتحليلها بعمق من قبل المختصين والخبراء في هذا الشأن. من هم الخوارج، وخارجون عمن؟ ولماذا سموا بالخوارج؟ الخوارج من الخارج المنشق عن جماعته، وكل شخص يتشدد في أمر يخالف فيه الحق يعدّ خارجا عن الجماعة والملة، ولأن الخارجي أو الخوارج ليسوا بملة أو دين أو عقيدة أو مذهب أو حزب، وإنما هم فرقة يعتقدون أنهم على حق بينما هم على باطل، وكل شخص أو فرقة أو طائفة تنشق عن الجماعة بحجة أنهم على حق والجماعة على باطل! وسمي الخوارج أو الخارجي عن الجماعة في الدين عن أهل السنة وجماعة المؤمنين بحجة أنهم على صواب، والباقين على باطل.. وهم الفئة المتنطعة في الدين المتشددة في الدين التي لا تعرف الرحمة والتراحم، ولا تؤمن إلا بالتشديد والتشدد والغلظة والخشونة في التعامل، ومن يقارن صلاته وصيامه معهم يتعجب من تشددهم في العبادات، وفي الدين، وتفريطهم في المعاملات، يقرؤون القرآن لا يتجاوز ألسنتهم وحناجرهم إلى قلوبهم، ويحتقر المؤمن عبادته إذا ما قارنها بعبادتهم، عبادتهم مظهرية وليست قلبية، يظهرون للناس تشددهم وقسوتهم في التعامل معهم، هم أقرب ما يكونون إلى المنافقين إذا لم يكن هم المنافقون حقا؛ لأنهم يراؤون الناس ولا يستحيون أو يستخفون من الله، يجاهرون بتكفير غيرهم، ومعادات كل من خالفهم الرأي والمنهج، تعرفهم بسيماهم وأشكالهم، وفي لحن القول يلون ألسنتهم لتحسبوه من عند الله وما هو من عند الله، إنه قولهم بألسنتهم.. مثلهم في ذلك مثل الرهبان الذين ابتدعوا الرهبانية ما كتبها الله عليهم، ولكنهم ابتدعوها، كذلك الخوارج شدة ابتدعوها في الدين ما كتبها الله أو أنزلها على أحد، ولكنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من القوس. الخوارج هم أي جماعة تقرر الخروج عن جماعة المسلمين من أهل السنة والجماع، معتقدة أنها على صواب وبقية جماعة المسلمين على خطأ، بل إنهم يكفرون جماعة المسلمين الذين انشقوا هم عنهم، ويستحلون دماءهم المعصومة؛ لأن كل نفس معصومة من القتل بغير حق، والخارجي يتشدد في تحريم أكل تمرة وجدها ملقاء على الطريق، ويحلل ويستحل ويبيح أعراض ودماء المسلمين. عنده قتل نفس مسلمة أهون من قتل ذبابة! أول مجموعة خرجت في الإسلام عن جماعة المسلمين، كانت في عهد سيدنا علي، كرم الله وجهه، رفعوا المصاحف على أسنة الرماح في وجه سيدنا علي كرم الله وجهه، وطالبوا بتحكيم القرآن، فقال علي، رضي الله عنه، قولته المشهودة: "قول حق أرادوا به باطل". أي أن الخارجي يدعي التقوى والعفاف في أكل تمرة، ولا يراعي في سفك دماء المسلمين، فقتل النفس عند الخارجي أهون من شربة ماء. والخوارج هم من خرجوا على إجماع قومهم، فهم موجودون في جميع الأمم والأديان.