أثارت جداريات فنية زينت جدران مبان حجرية تراثية، وجسورا إسمنتية في محافظة رجال ألمع بهجة واهتمام مثقفي وكتاب المحافظة، الذين أكدوا ل"الوطن" العمق الدلالي لهذا المشروع، مشددين على فعالية دور الهيئة العامة للسياحة والآثار في هذا الاتجاه، لافتين إلى أهمية الإرث العمراني لكل بيئة، وهو الدور الذي استشعرته بلدية المحافظة بوعي ثقافي يكرس هوية البيئة، على حد رؤاهم. وذهب الشاعر مريع سوادي إلى أن القضية ليست في ملابس تقليدية وأزياء وموروث، بل إن هناك تاريخ فن وإرث جميل يسجل إبداعات الألمعي عبر الزمان وذهابه من خلال فلاحته للأرض، وبناء مسكنه، ما يعمق النظر في رغبات الإنسان الداخلية لتذوق الجمال والاستمتاع بالفن، فطور أزياءه، وأغدق عليها من فكره الصافي صنوف الإبداع والتشكيل والتجريد. وأضاف سوادي: خطوة بلدية المحافظة بهذه اللوحات الجدارية، يجب أن تعقبها خطوات من مجلس المحافظة والمؤسسات والهيئات الثقافية. في حين يرى الكاتب علي القاسمي أن الجيل الجديد يحتاج إلى مساحة أكبر من لوحات جدارية، الجيل يحتاج إلى من يشرح له عن فرح ألمع الأصيل وحزنها الفاخر، يحتاج إلى أن يدرس جيدا ماذا تعني جبهة رجل وقور ممتلئة بالتجاعيد! ويد عجوز ملأت الأرض بالخبز والجمال، والبلدية تريد أن تقول لنا: نحن نعيدكم إلى ماضيكم الجميل، ونحن الذين نقسم إن ماضينا عظيم بكل شيء، ولن يعود لنا بمجرد لوحة جدارية. أما الروائي إبراهيم مضواح الألمعي، فأكد أن هذه الجداريات ليست بالضرورة موجهة لأبناء المحافظة وحسب، فالمحافظة حلقة وصل بين مناطق ومحافظات أخرى، فتجسيد صبغة المحافظة للعابرين رسالة جمالية قيمة، وبغض النظر عن الأثر الذي ينتظر من هذه الرسومات والجداريات ونمط البناء، وجود صبغة تلائم ذاكرة المكان، وتريح عين الناظر، وتبعث على التأمل، أراه أمراً محموداً. وأشار الباحث الكاتب علي مغاوي إلى أنه لولا الهيئة العامة للسياحة والآثار لكان العزاء فينا بسبب فقدان تراثنا، وأي جهة أو شخص يحاول إحياء التراث سواء المادي أو المعنوي فهذا يحسب له الفضل، وبلدية رجال ألمع بمشروعها وشعارها "الثقافة والتراث"، وأيضا بناء الجدران التراثية في الشارع العام، تكرس ارتباطا وثيقا بالبيئة المحلية بتزيين الجسور الإسمنتية بفنون "القط" والنقش بالألوان، والرسومات للملابس، وهي محاولة لتقريب تراثنا للنشء. وطالب مغاوي المؤسسات الرسمية والأهالي بالحرص على هذا العمل. من جانبه، بين رئيس بلدية رجال ألمع حسين بن علي رجب، بأن رؤية البلدية المستقبلية لمحافظة رجال ألمع هي: تراث وثقافة، وأقرت البلدية محاكاة الآثار في المحافظة، فنفذت بناء الجدران من الحجر الذي كان يستخدم سابقا في بناء الحصون وتزيينها بالنوافذ المتناسقة التي تظهر من خلالها الفوانيس القديمة، كالقرية التي أنشئت في مدخل البلدية، وتحاكي القرى القديمة في مداخلها ونوافذها وحتى سطوحها ومخارجها، إضافة إلى تجميل الجسور الاستنادية الإسمنتية بلوحات للملابس القديمة ك"اللحاف" وفنون النقش، حيث تم استيحاء هذه الجداريات من الملابس التقليدية للمواطن الألمعي، وأيضا فنون "القط" الذي كانت تمارسه المرأة الألمعية.