منذ أكثر من عشرة قرون شع نور مسجد حبر الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في الطائف، والذي كان منارة علم ورافدا من روافد العلوم الشرعية لاحتوائه على مكتبة تحتضن العديد من الكتب والمخطوطات في العلوم الدينية حيث يرتاده الكثير من المصلين من زوار وأهالي الطائف لأداء صلاة العشاء والتراويح طيلة شهر رمضان. وأشار الباحث التاريخي عيسى علوي القصير إلى أن مسجد العباس في موقع لمسجد ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تحويطة صغيرة في ذلك التاريخ ملاصقة للجدار القبلي من القبة الأخيرة الكائنة في آخر المسجد العباسي على اليمين الداخل من الباب الشرقي، وهذه القبة هي إحدى القبتين في موضع "خيمتي" زوجتيه اللتين كانتا معه في غزوة الطائف في السنة الثامنة من الهجرة. وفي مؤخرة المسجد الذي فيه قبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وفي جداره القبلي حجر مكتوب فيه أمرت السيدة زينب أم جعفر زبيدة بنت أبي الفضل العباسي بعمارة مسجد رسول الله بالطائف، وذلك في سنة 192 من الهجرة، وتوفي حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما بالطائف سنة 68 من الهجرة في أيام عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما عن إحدى وسبعين سنة. وبني مسجد عبدالله بن عباس بالطائف سنة 592 للهجرة في عهد الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس المستضيء بأمر الله العباسي الذي تولى الخلافة سنة 575 إلى سنة 623 هجرية. ومسجد العباس الذي فيه قبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما مشتمل على أربعة أروقة في الجهة القبلية ومنبر من خشب فيه عشر درجات، وعليه قبة صغيرة من الخشب، ليس بينهما وبين سقف المسجد إلا نحو شبرين، وللمسجد ثلاثة أبواب في يمينه ويساره وفي مؤخرته، وفي المؤخرة منارة من جهة الركن من الجهة الشرقية، جددت عمارة المسجد وجدرانه بعد سنة 900، كما جددت عمارته في سنة 1047 هجرية بأمر أمير الحج المصري رضوان بيك بتبيض قبة المسجد وبناء منارة على باب المسجد في عهد حاكم الطائف شركس بن عبدالملك الشاووش، ثم جددت عمارة المسجد وجدرانه والأروقة الأربعة، عمارة منتظمة على الرسم الأصلي في سنة 1071 هجرية في عهد الشريف زيد بن محسن بن أبي نمي في عهد حاكم الطائف أحمد بن ريحان، ثم أحدثت في وسطه عمارة رواقين بإشارة قاضي مكة سنة 1081 هجرية، وفصل بينهما وبين القبور التي في مؤخرة المسجد بجدار. وزيد في عمارة مسجد عبدالله بن عباس بأمر والي الشام محمد باشا العظم الذي أمر بزيادة البناء 32 ذراعا طولا ومثلها عرضا سنة 1193 هجرية كما جددت عمارة المسجد في عهد والي جدة من طرف الدولة المصرية جدد بناءه حسن باشا سنة 1233 هجرية، وللمسجد أربعة أروقة في قبلته، وهذه العمارة غير العمارة القديمة التي كانت في العصر المتقدم، فأروقة المسجد في قبلته خمسة، منها ثلاثة أروقة مقابلة للضريح الذي بناه أحمد باشا الحجازي سنة 1237 هجرية، كما تم تجديد عمارة المسجد وترميم القبة، وذلك سنة 1260 هجرية في عهد حاكم مكة الشريف محمد بن عون، وفي عهد محمد حسين باشا زاد في عمارة المسجد العباسي في سنة 1283 هجرية، ثم فتح باب آخر للمسجد فتحه الوالي على الحجاز أحمد رشدي باشا الشرواني سنة 1291 هجرية، كما تم عمل رواقين جديدين، وتم عمل الرواقين المقدمين في مقدم القبلة سنة 1295 هجرية. إلى ذلك، قال مازن النفيعي إنه يحضر للمسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح كل عام في هذا المسجد منذ أكثر من عقد من الزمان، حيث يحضر في وقت مبكر ليشهد صلاتي العشاء والتراويح في مسجد العباس كونه المسجد الوحيد في الطائف منذ القدم، وهو يصلي فيه التراويح كاملة ويشعر بالطمأنينة والخشوع في ذلك المسجد. وأضاف عبدالله الحارثي أن المسجد يرتاده المصلون من كافة أحياء الطائف، ولكنه يفتقر إلى الكثير من الخدمات التي تعيق البعض من الانتظام في الحضور وخاصة القادمين إليه من خارج المحافظة أو من الأحياء البعيدة عن المسجد، وذلك لندرة مواقف السيارات بالإضافة لحاجته إلى إعادة البناء وتوسعة مداخله وتأهيل مرافقة التي مر عليها زمن طويل، وذلك من أجل أن تتوافق الخدمات مع مكانته التاريخية وأعداد المصلين. ويرى سالم الثقفي أن الروحانية التي يعيشها المصلون بالمسجد ويشعر بها منذ القدم لأنه المسجد الذي كان يجمع كافة أفراد حارته في شهر رمضان الذي كانوا طيلة العام في مساجد مجاورة، ويتيح لهم المسجد جمعهم في صلاة العشاء بالإضافة إلى توافد أعداد كبيرة من المصلين من زوار وأهالي الطائف من داخل المحافظة والمواقع المجاورة لها وتنافسهم في الحضور المبكر والذي يكسب المسجد روحانية كبيرة.