يعتبر ضياع الأطفال من ذويهم في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إحدى المشكلات الأساسية التي تحصل مع العائلات بشكل مستمر، وذلك بسبب الازدحام الشديد والانشغال في العبادة، الأمر الذي يجعل من المراقبة المكثفة على الأطفال مسألة صعبة. وقد تطول فترة إيجاد الطفل التائه بين ساعة أو أقل، وصولا إلى مدد أطول، فيما يعتمد ذلك على تواجد الطفل في مناطق قريبة من الأهل، وهو ما استدعى إحدى الجمعيات الخيرية لابتكار أسلوب جديد يعالج تلك المسألة. ويقول المدير الإداري بجمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية عبدالرحمن السالمي: "إن الجمعية ابتكرت أسلوبا يتمثل في توزيع سوار لكل طفل في منطقة المسجد الحرام والمسجد النبوي، يُطبع عليه اسم الطفل ورقم التواصل مع ذويه، مما يحد من ضياع الطفل، ويختصر المدة للوصول إلى ذويه فيما لو ضاع". وأضاف: "أن مبدأ الجمعية في ابتكار هذه الفكرة يقوم على ألا ننتظر ولي أمر الطفل، بل نحن من يبحث عنه، ويأتي ذلك من منطلق توفير الوقت في الجمع بين الأهل والطفل؛ دون الدخول في دوامة البحث والسؤال، الأمر الذي جعل الأسر أكثر اطمئنانا". وتبرز مشكلة أخرى عندما تجد الجهات المختصة الطفل، وهي قضاء الفترة الفاصلة بين إيجاد الطفل ولقائه بذويه، الذين قد يكونون في مكان بعيد عن الطفل بعد رحلة البحث. فكثيرا ما ترتفع أصوات الأطفال بالبكاء، الأمر الذي يقلق السكينة والهدوء، إلا أن الجمعية وجدت حلا لذلك بإقامة مراكز رعاية للأطفال التائهين. ويشرح السالمي أن الجمعية أمنت للعناية بالأطفال التائهين في الحرمين الشريفين من خلال إعداد مراكز نموذجية متكاملة تشرف عليها قوة أمن الحرم لإيواء الأطفال التائهين على مدار الساعة، موضحا أنه "يتوفر في المركز ألعاب لتسلية الطفل لإشغاله عن البكاء والتفكير بأهله". كما تعتني الجمعية بمعالجة الآثار النفسية لدى الطفل الناتجة عن الضياع، إذ يقوم على المركز مجموعة من المشرفات والمربيات التربويات المتخصصات وحاضنات الأطفال. ويقول المعتمر عبدالرحمن بن محمد، الذي أضاع ابنته في الحرم المكي، إن فكرة السوار تستحق الإشادة، فهي تختصر الوقت والقلق النفسي الناتج عن ابتعاد الطفل عن ذويه. كما أن إقامة مركز العناية يعطي بعدا جديدا للمسألة، فمحو الآثار النفسية يكون بأهمية موازية لإيجاد الطفل، وقد يستغرق محو تلك الآثار شهورا.