تحلم هولندا بفك عقدة المباريات النهائية لكأس العالم لكرة القدم عندما تخوض مونديال البرازيل 2014 بمزيج من الخبرة والشباب. ووقفت هولندا 3 مرات عند حاجز النهائي، فخسرت أمام مضيفتها ألمانيا الغربية 1-2 في زمن يوهان كرويف عام 1974، ثم النهائي التالي على أرض الأرجنتين 1-3 بعد تمديد الوقت في 1978، قبل أن تتخطى البرازيل في ربع نهائي النسخة الماضية ويقهرها أندريس إينيستا في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي مانحا إسبانيا لقبها الأول. عندما قاد المايسترو رينوس ميتشلز البلاد المنخفضة من دكة البدلاء في سبعينيات القرن الماضي، ترجم الهولندي الطائر يوهان كرويف فلسفته، فاخترعت الطواحين كرة شاملة استعراضية لا تزال عالقة في الأذهان أورثتها لاحقا لتشكيلات أياكس أمستردام وبرشلونة وغيرها، وترجمها الثلاثي ماركو فان باستن، رود خوليت وفرانك ريكارد مع ميلان الإيطالي. في تصفيات 2014، ضربت هولندا بقوة كما جرت العادة في السنوات الأخيرة، فحصدت 28 نقطة من 30 ممكنة في طريقها إلى البرازيل، بينها فوز ساحق على المجر 8-1 فكانت أول المتأهلين إلى بلاد السامبا. وستكون نهائيات 2014 الفرصة الأخيرة لجيل أرين روبن (30 عاما) وروبن فان بيرسي (31 عاما) وويسلي سنايدر (30 عاما) ورافايل فان در فارت (31 عاما)، لكن في المقابل استدعى المدرب لويس فان جال مجموعة غنية من الوجوه الشابة بعد الفشل الذريع في كأس أوروبا 2012؛ حيث فشلوا بتخطي الدور الأول. وضحى مدرب برشلونة السابق بقلبي الدفاع جوني هيتينجا ويوريس ماتيسن والحارس مارتن ستيكلنبورج، فاصبح الرباعي الخلفي يتألف من الشبان داريل يانمات وستيفان دو فريي وبرونو مارتنس اندي (فينورد) ودالي بليند (أياكس)، ابن داني بليند مساعد المدب الحالي ومدافع أياكس الأسطوري. وسيفتقد بطل أوروبا 1988 محور وسط روما الإيطالي الصلب كيفن ستروتمان لإصابة قوية بركبته وصفها فان جال ب"الكارثة الصغيرة"، وظهير باريس سان جرمان الفرنسي جريجوري فان در فيل الذي طلب إراحته بسبب الإرهاق. يصعب توقع المشوار الهولندي في النهائيات، نظرا للتغييرات الكبيرة في جلد الفريق ووقوعها في مجموعة تضم إسبانيا بطلة العالم وأوروبا وتشيلي الطامحة. ويعتمد فان جال بشكل كبير على قائد الهجوم روبن فان بيرسي هداف المنتخب الذي تخطى رقم باتريك كلايفرت عضو الجهاز الفني. وبرز فان بيرسي مع فينورد قبل أن تتفجر موهبته مع آرسنال ل8 سنوات، ثم حصد لقب الدوري مع مانشستر يونايتد بعد صفقة مثمرة، وهو يتميز بتسديداته القاتلة بالقدم اليسرى، ويمتلك خبرة طويلة في المسابقات الكبرى. فان جال يخوض فان جال مونديال 2014 وسينتقل لتدريب مانشستر يونايتد بعد المونديال.. ويؤمن فال جال بأن "الانضباط هو أساس الابتكار". وتغيّر منتخب هولندا جذريا آخر سنتين، فبعد استقالة برت فان مارفيك إثر فضيحة الدور الأول من كأس أوروبا 2012، جاء فان جال مدججا بلقب الدوري الهولندي 3 مرات مع أياكس (94 و95 و96) ومرة مع الكمار (2009)، وكأس الاتحاد الأوروبي (1992) ودوري أبطال أوروبا (1995) مع أياكس الذي صنع منه فريقا يحتذى به، والدوري الإسباني مرتين مع برشلونة (1998 و1999) والكأس (1998)، قبل أن يجلب لقب الدوري لبايرن ميونيخ الألماني والكأس في 2010. أرين روبن لم تكن القدرات الفنية للجناح أرين روبن موضع شك في أي يوم، لكن تعرضه المستمر للإصابات منحه لقب "الرجل الزجاجي". بدأ روبن مسيرته مع خرونينجن المحلي، فلم يتأخر للانتقال إلى أيندهوفن أحد أندية الطليعة وأحرز معه دوري 2003، وبقي سنتين أيضا قبل اقتناصه من تشلسي الإنجليزي فأحرز مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو الدوري في 2005 و2006 وكأس 2007، ثم ريال مدريد الإسباني الذي توج معه بالليجا في 2008، قبل أن ينتقل إلى بايرن ميونيخ الألماني ويكون عنصرا رئيسا في إنجازاته الأخيرة، حيث أحرز لقب البوندسليجا في 2010 و2013 و2014 والكأس في 2010 و2012 ودوري أبطال أوروبا 2013. يعول عليه فان جال الذي جلبه إلى بايرن من ريال في 2009 مقابل 25 مليون يورو، لكنه يتهم بالسقوط عمدا داخل المنطقة للحصول على ركلات جزاء وبالتأثير على الحكام من خلال رفع أصبعه الشهير في وجههم. يتهم روبن، الذي تزوج بصديقة طفولته برنادين وله منها صبيان وفتاة، بأنه يغيب عن الساحة خلال المواجهات الكبرى، أبرزها في نهائي مونديال بفرصتين كانتا كفيلتين بمنح اللقب العالمي الأول المنتظر للدولة الصغيرة، بالإضافة إلى ركلة ترجيح أهدرها لبايرن في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام تشلسي فريقه السابق، ومستواه العادي في أوروبا 2012. ويقول مدربه السابق يوب هاينكيس بعد إحراز بايرن ثلاثية تاريخية الموسم الماضي "لقد تعلم أدوارا دفاعية وأصبح أقوى بكثير من الماضي".