رغم تساوي كفة المنتخبين بشكل كبير في المستوى العام والمهارات الفردية وجمال الأداء، تبدو المواجهة مع المنتخب الهولندي في نهائي كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا هي الأنسب للمنتخب الإسباني من وجوه عدة. ظلت هولندا مستعمرة إسبانية على مدار نحو 200 عاماً، وما زال التأثر الإسباني واضحاً هناك من خلال الفن المعماري، وفنون أخرى. أما في شأن كرة القدم، تقدم البلدان كرة جذابة وهجومية، ويشعر كثير من المحايدين في أنحاء العالم بالسعادة لأن النهائي سيجمع بين هذين المنتخبين. وعلقت إذاعة "ماركا" على ذلك أول من أمس بالقول, إن "منتخبا إسبانياوهولندا دائماً ما يقدمان كرة قدم جيدة.. إنها أنباء طيبة لكأس العالم وللعبة بشكل عام أن يلتقي المنتخبان في المباراة النهائية". ومنذ سبعينيات القرن العشرين تركت هولندا تأثيراً هائلاً على كرة القدم الإسبانية, بدأ ذلك بوصول المدرب الهولندي رينوس ميشيلز إلى برشلونة عام 1971 حيث تعاقد نادي برشلونة الإسباني مع ميشيلز مخترع أسلوب "الكرة الشاملة" بعدما قاد هذا المدرب فريق أياكس الشاب إلى الفوز بلقب كأس أوروبا للأندية الأبطال. كانت مهمة ميشيلز في "كامب نو"، معقل فريق برشلونة، هي الدمج بين بريق ومهارة الكرة الإسبانية، والثقة والنظام والأداء البدني القوي للكرة الهولندية. وفي عام 1973، أقنع نادي برشلونة النجم الهولندي الشهير، قائد أياكس ونجم المنتخب الهولندي للعبة يوهان كرويف، بالانضمام لصفوف الفريق. وفي عام 1974، وبعد خسارته مع المنتخب الهولندي في نهائي كأس العالم 1974 أمام ألمانياالغربية، انضم النجم الهولندي يوهان نيسكنز لخط وسط برشلونة ليدعم صفوف الفريق, وأدرك ميشيلز أنه أنشأ بذلك "مستعمرة هولندية" في "كامب نو". وقاد كرويف فريق برشلونة للفوز بلقب وحيد في الدوري الإسباني ولقب وحيد في كأس إسبانيا على مدار السنوات الخمس التي قضاها في الفريق. وعاد كرويف إلى برشلونة عام 1988 مديراً فنياً للفريق، وتعتبر تلك العودة لحظة حاسمة في تاريخ النادي الكتالوني. وعلقت صحيفة "سبورت" الكتالونية الرياضية في مارس الماضي على تعيين كرويف رئيساً فخرياً لنادي برشلونة بالقول "منح كرويف برشلونة هوية خاصة ومميزة له من خلال أسلوب لعب واضح". كان "فريق الأحلام" الذي شكله كرويف أوائل تسعينيات القرن الماضي من أفضل الفرق في تاريخ النادي الكتالوني، حيث قاد هذا الفريق من خط الدفاع اللاعب الهولندي رونالد كومان. وفاز الفريق لنادي برشلونة بلقب الدوري الإسباني في أربعة مواسم متتالية بالإضافة للقب وحيد في كأس الأندية الأوروبية الأبطال (دوري أبطال أوروبا حاليا) ليكون الأول لبرشلونة عبر تاريخه. أقيل كرويف بشكل مفاجئ، وفظ عام 1996 لأسباب مثيرة للجدل، منها شعور بعض مسؤولي النادي أنه صار صاحب سلطة كبيرة داخل النادي، لكن الإقالة لم تكن نهاية التأثير الهولندي على "كامب نو"، ففي عام 1997 ، تعاقد النادي مع المدرب الهولندي لويس فان جال الذي بدأ في جلب معظمم اللاعبين الذين فاز معهم بلقب دوري الأبطال الأوروبي عام 1995 عندما كان مديراً فنياً لأياكس الهولندي. حقق فان جال نجاحاً سريعاً مع الفريق، ولكنه لم ينل شعبية طاغية لدى أنصار البرشا وربما كان ذلك لصرامته الشديدة في التعامل مع اللاعبين، وربما لأنه جلب تسعة لاعبين هولنديين إلى صفوف الفريق ليأخذ معظمهم مكان اللاعبين الشبان المنتمين لإقليم كتالونيا نفسه. وبعد ستة أشهر من إقالة فان جال عام 2003 ( كانت الإقالة الأولى في عام 2000) ، أسند النادي مهمة تدريب الفريق إلى مواطنه فرانك ريكارد الذي قاد الفريق للفوز بلقبين في الدوري الإسباني وكذلك للقب وحيد في دوري أبطال أوروبا. يعترف المدير الفني الحالي لبرشلونة جوسيب جوارديولا بأهمية ريكارد في استمرار أسلوب اللعب الذي يعتمد على الاستحواذ على الكرة والصبر. ومع النجاح الهائل الذي حققه الهولنديون في برشلونة، سعى ريال مدريد المنافس التقليدي العنيد للنادي الكتالوني إلى الاستعانة بالهولنديين في السنوات الأخيرة. كان أول الهولنديين الذين انضموا لصفوف الفريق هو اللاعب كلارنس سيدورف أحد نجوم أياكس عام 1995 بقيادة فان جال, وقبل عام 2009، شهدت سجلات ريال مدريد ستة لاعبين هولنديين هم رويستن درينثه ورافاييل فان دير فارت وويسلي شنايدر وآريين روبن ورود فان نيستلروي وكلاي سان هونتلار, ولكن الفريق لا يضم حالياً سوى اللاعبين درينثه وفان دير فارت. وتعرض رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز لانتقادات هائلة في الآونة الأخيرة بسبب تفريطه صيف العام الماضي في اللاعبين الهولنديين روبن وشنايدر حيث تألق اللاعبان مع نادييهما الجديدين، ثم مع المنتخب الهولندي في مونديال 2010. نجح برشلونة وريال مدريد في ترسيخ أهمية الاستعانة بالكرة الهولندية في الدوري الإسباني فانتقلت الاستعانة باللاعبين الهولنديين من القطبين الكبيرين إلى أندية أخرى بالدوري الإسباني وخاصة بلنسية وريال بيتيس وتينيريفي.