يوما بعد يوم، يزداد عدد الأدلة والأصابع التي تشير بالاتهام إلى طهران فيما يجري على أراضي المملكة من أعمال تخريبية وتجسسية وقرصنات إلكترونية. ففيما قال مدير وكالة الأمن القومي الأميركي السابق الجنرال كيث الكسندر إن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له شركة أرامكو السعودية عام 2012 قد انطلق من إيران، لم يتردد الخبير الاستراتيجي الأمني علي التواتي في تصريحه إلى "الوطن" في الربط بين ما أعلنته وزارة الداخلية أول من أمس عن إحباط إعادة إحياء تنظيم القاعدة، وبين شبكة التجسس الإيرانية التي كشفت عنها الرياض في وقت سابق من العام المنصرم. وأكد الجنرال الكسندر، في مقابلة من المقرر نشرها اليوم في صحيفة فاينانشيال ريفيو الأسترالية، أن الهجوم على "أرامكو" بدأ من طهران قبل أن يتم توجيهه عبر "خوادم" في الولاياتالمتحدة، مما أدى إلى تعطل شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية الرئيسة. علق خبير استراتيجي في العمل الأمني الجرس إزاء ما أعلنته المملكة أول من أمس، من إحباطها لمخطط كان يهدف إلى إعادة إحياء تنظيم القاعدة، وبين مجموعة التخابر الإيرانية التي أسقطتها سلطات الأمن السعودية على مرحلتين قبل عدة أشهر. وشدد الخبير الاستراتيجي علي التواتي، في حديث إلى"الوطن" بقوله، يجب ألا ننظر إلى محاولة "القاعدة" بإعادة وجودها في السعودية بشكل منفصل عن المجموعة التجسسية التي قبض عليها بسبب تعاملها وتخابرها مع إيران قبل عدة أشهر. وأضاف "نحن في مرحلة الآن لا فرق فيها بين حزب الله والقاعدة، فهم يتعاونون مرحليا، وكذلك ما نشاهده في سورية بين داعش والنظام السوري وإيران، إضافة إلى ما نراه الآن بين الحوثيين والقاعدة والإيرانيين في اليمن.. لذا هي مرحلة انتقالية لكل هؤلاء لحماية النفس، فهم يتعاونون بالسلاح والتمويل والرجال في سبيل مقاومته بما يسمونهم "العرب المعتدلون"، وهم "دول الخليج ومصر والأردن"، فهو عدوهم المعلن الآن بوضوح. ضربات أمنية متلاحقة وقال التواتي إن إعلان وزارة الداخلية القبض على 62 إرهابيا متورطين في خلايا تنظيم مشبوه داخل المملكة، يعد نجاحا جديدا يسجل في سجل نجاحات المملكة في القضاء على التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، وإن هذه الضربات الأمنية المتلاحقة قصمت خاصرة الأعداء والمتربصين بهذه البلاد الطاهرة. وعن تخطيطهم لعمليات إجرامية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية، واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين، أكد التواتي أن الضغط الشديد الذي تتعرض له هذه المجموعات في سورية وفي اليمن، والحصار الخانق الذي تشعر به، أدى إلى تحريك هذه الخلايا على من يحاصرها ومن يحرض عليها عسكريا وسياسيا، وذلك لتخفيف الضغط عليهم وأتباعهم معنويا عبر فتح جبهات جديدة، وافتعال ما يعتقد أنه عامل إشغال بالنفس لهذه الدول والحكومات، خاصة أن اليمن الذي كان مقرا لقيادات الكثير من التنظيمات الإرهابية، هو الملجأ لكل خارج عن القانون. استغلال النساء والأطفال وبخصوص أن خلايا التنظيم أظهرت اهتماما بالغا بخطوط التهريب، خاصة عبر الحدود الجنوبية، وذلك لتهريب الأشخاص والأسلحة مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء، علق التواتي على ذلك بالقول: "إن النساء والأطفال عاملان مهمان في نظر هذه الجماعات، سواء لكسب مؤيدين في الأوساط النسائية، أو لاستخدامهن كعامل تمويه وإعماء للكثير من عملياتهم ومخططاتهم، والزج بهن في عمليات انتحارية، واستغلال النساء والأطفال سمة وثيقة في الفكر الإرهابي والتنظيمات الميليشيوية في العالم بأسره ومنذ القدم، وهذه ليست المرة الأولى، إذ تم القبض على الكثير من النساء السعوديات في السنوات الأخيرة؛ بسبب انتمائهن لهذه التنظيمات في المملكة أو خارجها. وكان بيان الداخلية قد أعلن عن ضبط معمل لتصنيع الدوائر الإلكترونية المتقدمة التي تستخدم في التفجير والتشويش والتنصت، وتحوير أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى تجهيزات لتزوير الوثائق والمستندات، والكشف عن خلية التمويل للتنظيم التي قام أعضاؤها بجمع التبرعات عبر الإنترنت ومن مصادر أخرى بما مجموعه 900 ألف ريال بعضها بالدولار، وكشف مخططاتهم لإدخال الأسلحة قبيل تنفيذ عملياتهم. رسائل مهمة مقابل ذلك، رأى رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الشورى الدكتور سعود السبيعي، أن هناك رسائل هامة من الضروري توجيهها للرأي العام، بعد يوم من إفشال سلطات الأمن السعودية لتنظيم إرهابي يتبع ل"القاعدة"، وخطط لتنفيذ أعمال تخريبية تشمل اغتيالات واستهدافات لمصالح حكومية وأجنبية. الرسالة الأولى: قال فيها السبيعي "إن الأمن والاستقرار أساسان لأي حياة سعيدة في هذا الكون.. وإنه في حال فقدان الأمن لن يستمتع أحد لا بماله ولا بصحته ولا بأولاده ولا بغناه". أما الرسالة الثانية: التي وجهها السبيعي عبر "الوطن"، فكانت إلى وزارة الداخلية، ممثلة بوزيرها الأمير محمد بن نايف، مشيدا بمتابعتها وقدرتها على اختراق مثل تلك الفئات للقبض عليهم في الوقت المناسب، قبل أن يقوموا بأعمال تعكر صفو الأمن. وقال رئيس اللجنة الأمنية بمجلس الشورى: "لا شك أن الغالبية العظمى في هذه البلاد هم ممن يخافون الله ويتقونه، ولا يريدون إلا الخير للوطن وللمواطن ولأنفسهم"، مستدركا بالقول: "لكن هناك فئة ضالة باغية تظن أنها على هدى بهذه الأعمال المنبوذة"، مضيفا: إن "غالبية من يؤيد تلك الفئة الضالة غالبا ما يكونون بين أهلهم ومع أبنائهم، ويمارسون حياتهم بعيدا عن الخوض في العمل بتفكيرهم، ويكتفون بتغرير وتحريك هؤلاء الضالين المساكين نحو أهداف زعزعة الأمن في هذا الوطن". ورأى رئيس اللجنة الأمنية بمجلس الشورى، أهمية الجهد البشري للتصدي للأفكار الضالة، وقال: "لا شك أن ما يقوم به رجال الأمن أمر يشكرون عليه، وهو مصدر فخر، ولكن على كل مواطن أن يعد نفسه رجل أمن"، فيما لم يقلل من أهمية إسهام أي من فئات المجتمع لتمرير أي معلومة يمكن أن تستدل بها الجهات الأمنية على من يضمر الشر. الحذر من التقنيات وأكد الدكتور السبيعي على أهمية استمرارية العمل الأمني في البحث والمتابعة والحرص على الأمن والاستقرار، لأنه من الركائز المهمة، عادا أن الأمن والاستقرار هما بداية كل شيء. وعما جاء في بيان الداخلية حول جمع التبرعات عبر شبكة الإنترنت وتوفير مبالغ من مصادر أخرى، وتجاوز ما تم ضبطه 900 ألف ريال، شدد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الشورى، بأنه يجب على المؤمن أن يكون حذرا مع التقنية الحديثة، إذ إنها سهلت الخير والشر، إذ يمكن للإنسان خلالها أن يتصل بملايين البشر. وطالب السبيعي المواطنين بعدم الاندفاع العاطفي خلف حملات التبرعات "المشبوهة"، مما يجعلهم يقدمون المساعدة للأشرار دون علم. وأضاف بالقول: "من أراد الخير فليعمله في أماكن التبرعات الموضحة المأمونة؛ كي يتأكد الإنسان من وصول هذه التبرعات من الخيرين إلى المحتاجين دون استغلالها وعدم وصولها للإرهابيين، وحذر السبيعي خلال حديثة للصحيفة من أن هؤلاء الذين يأتون في الخفاء ويطلبون التبرعات بحجة غير صحيحة وغير مشروعة، يجب على المواطن أن يكون في يقظة وإدراك بعدم الاندفاع وراء الإعلانات المجهولة التي وصفها بالجائرة والكاذبة. وطالب الدكتور سعود خلال حديثه بتحري مصادر التمويل غير المشروع، والتنبه للتبرعات المشبوهة وألا يتم دفع أي مبلغ إلا للجهات المصرحة والمعروفة، وأن الذين يعملون عليها معروفون من الدولة لضمان وصولها للمحتاجين، ووصف الذين يعملون في الخفاء ب"الخفافيش"، ويحب على الإنسان أن يبعد عنهم مهما عملوا واستعملوا، ومهما استخدموا العاطفة الدينية، وهذا أصبح مصدر قوة لهم أن يستغلوا من يحبون الخير في سبيل الله. وقال: "إن هؤلاء مخترقون من خارج البلاد وأعداء البلاد، ويريدون الشر لهذه البلاد، فيأتونها عن طريق قوتها وهو دينها"، مضيفا "يجب علينا أن نكون حذرين، ولا نساعدهم على الضرر ببلادنا وأهلنا ومستقبل أولادنا".