عند الثامنة من صباح الأمس، كانت البداية الميدانية لأعين المتشوقين لمناورات "سيف عبدالله"، أكبر تمرين تعبوي تشهده المملكة، والذي رعاه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في حفر الباطن، بالتزامن مع إقامة نفس التدريبات في المنطقتين الشرقية والجنوبية، فيما كشفت الرياض أمس عن قوة الصواريخ الاستراتيجية لأول مرة. وما أن أعطى ولي العهد شارة البدء لرجال القوات المسلحة، الموجدين في المسارح الثلاثة، لعرض قدراتهم القتالية، وأسلحتهم العصرية، ووطنيتهم المعهودة، كل عبر عن حبه لهذا البلد المعطى بمهارته وسلاحه. وشهدت مناورات "سيف عبدالله" حضوراً دولياً واقليمياً، بحضور ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسمو ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع بدولة الكويت الشيخ خالد الجراح الصباح، وقائد الجيش الباكستاني الفريق أول رحيل شريف، ومعالي أمين عام وزارة الدفاع بسلطنة عمان محمد بن ناصر الراسبي. وقال رئيس هيئة الأركان العامة قائد القوات المشتركة الفريق أول ركن حسين بن عبدالله القبيل، "إن هذا التمرين الذي ينفذ هذه الأيام على مستوى القوات المسلحة، بالإضافة إلى مشاركة وحدات من وزارة الحرس الوطني، وعناصر من وزارة الداخلية، في كل من المنطقة الشرقية، والمنطقة الجنوبية، والمنطقة الشمالية، في آن واحد، يهدف إلى رفع مستوى التدريب واختبار مدى جاهزية قواتنا المسلحة، لردع أي عدوان يقع على أي من تلك الاتجاهات". وأضاف رئيس هيئة الأركان العامة قائد القوات المشتركة، "إنه لمن حسن الحظ، أن يأتي تنفيذ هذا التمرين مع الذكرى التاسعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في الوقت الذي لبى فيه متطلبات قواتنا المسلحة في كل المجالات، من تسليح وتجهيز، وإسكان، ومرافق طبية". وأشار الفريق أول ركن حسين القبيل إلى أن هذا التمرين الذي يتم تنفيذه في المناطق الثلاث، شارك في تنفيذه العديد من وحدات القوات البرية، والقوات الجوية، والقوات البحرية، وقوات الدفاع الجوي وقوة الصواريخ الاستراتيجية، بالإضافة إلى وحدات من الحرس الوطني، وعناصر من وزارة الداخلية. وأكد الفريق أول ركن القبيل، أن القوات المسلحة في هذا التمرين تعد رجالها لحماية الوطن، لافتاً إلى أن تمرين "سيف عبدالله" لم يكن الهدف من ورائه الاعتداء على أحد، مستدركاً "ليس هذا من سياسة حكومتنا الرشيدة، التي لا تقبل ولا تساوم على أمنها، وتقطع كل يد تمتد للإيذاء بها". وقد شاهد ولي العهد والحضور التمرين المشترك "سيف عبدالله"، الذي أقيم لأول مرة على 3 مسارح عمليات مختلفة التضاريس ودرجة الحرارة وطبيعة الأرض، حيث نفذت الفرضيات على ميادين القيادات العسكرية الشمالية والشرقية والجنوبية. وكانت مجريات تمرين "سيف عبدالله"، تدار عملياتها من مركز عمليات واحد في الرياض، حيث نقل تلفزيونياً التمرين في كل من المنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية. وشارك في التمرين عدد كبير من الطائرات والسفن والمروحيات والمعدات الأرضية بمختلف أنواعها والمركبات القتالية والدبابات ومنظومات الصواريخ المضادة للطائرات. وتم التركيز خلال التمرين على تطوير القدرة الدفاعية ورفع الكفاءة القتالية للضباط وضباط الصف وجميع وحدات المناورة وإسناد القتال من خلال التركيز على التدريب النوعي للتعامل مع كل التهديدات وعمليات إدارة الأزمات. ويعد هذا التمرين الأكبر حجماً في تاريخ القوات المسلحة الذي أتاح الفرصة لمختلف أنواع الأسلحة البرية والجوية والبحرية وأسلحة الدفاع الجوي أن تشارك في تمرين واحد ينفذ على عدة مراحل تكتيكية. وبعد الانتهاء من العرض الميداني انتقل الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى مقر إقامة العرض العسكري الإداري للقوات المسلحة الذي أقيم بميدان العرض العسكري بمدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن. ومن جانبه، قال قائد المنطقة الشمالية اللواء الركن فهد بن عبدالله المطير: "من موطن العز والسؤدد ومن إحدى قلاع شرف الخدمة الوطنية ومن قاعدة نصرة الحق وردع المعتدي من معقل درع وعاصفة الصحراء في المنطقة الشمالية، نرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب في آخر فعاليات اليوم الختامي لتمرين "سيف عبدالله"، الذي تشارك فيه المنطقة الشمالية وكامل وحداتها المعنية والمفرزة بحوالى 3 مجموعات من الألوية المدرعة والآلية، حيث تم تنفيذ التمرين على عدة مراحل، بدءاً من مرحلة الإعداد والتخطيط وانتهاء بالمرحلة الأخيرة وهي مرحلة التنفيذ، وجميع المراحل نفذت بدون أي حوادث ولله الحمد". وأوضح اللواء الركن فهد بن عبدالله المطير أن هذا اليوم التاريخي يختتم تمرين "سيف عبدالله" الذي استمر نحو أسبوعين، مشيراً إلى أن التمرين الميداني لسيف عبدالله نفذ بالذخيرة الحية وطبقت فيه مختلف العمليات العسكرية حسب الأسس والإجراءات ومبادئ وأساليب استخدام القوات تبعاً للمواقف الميدانية المتغيرة. وأوضح اللواء الركن فهد بن عبدالله المطير، أن جميع المشاركين أبلوا بلاء حسناً وجسدوا صورة المقاتل السعودي الشجاع المؤمن بربه ودينه ورسالته الخالدة والواثق بقيادته الحكيمة، مؤكداً أن هذه القوات ما هي إلا رأس حربة لجيش الوطن الكبير، والمتمثل بالشعب السعودي الوفي. وبين قائد المنطقة الشمالية أن التمرين شهد نماذج من التقاليد العسكرية التي رسختها القوات المسلحة عبر مسيرتها الطويلة المشرفة لتنفيذ العرض العسكري الأرضي والجوي المصاحب لفعاليات التمرين بوحدات رمزية لأفرعها، لإبراز ما توصلت إليه قدرة الإنسان السعودي من تميز وإبهار، مضيفاً "هؤلاء جند عبدالله يحيون عضد عبدالله وينفذون سيف عبدالله". وأردف المطير، "أن العالم كله يتابع بإعجاب ما حققته المملكة العربية السعودية بإعجاز في مسيرة التنمية والنهضة الشاملة لكل مناحي الحياة للفرد والمجتمع في جميع أجزاء الوطن الغالي، كما تتضمن عمارة بيت الله الحرام ومسجد الرسول الأمين، صلى الله عليه وسلم، وما تهدف إليه من التيسير على الحاج والمعتمر والزائر ليؤدي مناسكه بكل يسر وسهولة". ولفت قائد المنطقة الشمالية إلى أن العالم كله يعلم علم اليقين بأن المملكة كانت ولا زالت وستظل دوما درعا حصينا للإسلام والمسلمين وذائداً وبكل قوة عن حياض هذا الدين الحنيف. وأكد اللواء الركن المطير أن تراب هذا الوطن سيظل بعون الله، نقياً طيباً وطاهراً، كما أراد له الله أن يكون، ولن يمس شبر واحد منه بإذن الله، وأن هذا الشعب الوفي يقف وبكل مكوناته صفاً واحداً خلف قيادته الحكيمة مؤمنين بحكمتها وبقدرتها على السير به إلى المجد والعلا. وفي مقر العرض العسكري أعطى ولي العهد شارة البدء، لوحدات المشاة المتحركة، تلاها استعراض للمعدات أظهرت قدرات فائقة التسليح للقوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي وقوة الصواريخ الاستراتيجية، كما استعرض الطيران العمودي التابع للقوات البرية والجوية والبحرية والخدمات الطبية، جاهزيته العالية في القيام بالمهام المطلوبة منه. ثم بدأ العرض الجوي للطائرات الحربية بالقوات الجوية وفريق الصقور الخضر والإنزال المظلي لقوات المظليين والقوات الخاصة البرية والبحرية في تشكيلات أبرزت ما تتميز به القوات المسلحة من كفاءة قتالية عالية في تنفيذ مهامها بكل دقة وإتقان.