ما الذي يجعلنا نتخلف عن ركب الدول المتقدمة والعالم المتحضر وظللنا قابعين في مؤخرة الركب الحضاري، مصطفين مع دول يشدها من دبر الفقر المدقع والموارد الشحيحة والجهل المطبق ولولا هذه الأثافي الثلاث لاستبقونا بدرجات في سلم البناء والنماء والازدهار! فنحن دولة غنية لم تقطع بنا مسافات متقدمة في رحلة التحضر والرقي ولم تخولنا للاصطفاف في طابور الدول المتقدمة التي لا تملك ما نملك ولا تقارن عائداتها بعائداتنا. تضخ مليارات مهولة في خزانات أجهزتنا الحكومية من الموازنة العامة سنوياً، نسمع ونقرأ أرقامها الكبيرة فنوغل في التفاؤل ونفرط في أحلام يقظتنا باستشراف قادم جميل لكن الفساد اسم جامع لكل ما يبغضه الخالق الكريم ويستوجب إنزال عقوبة الهلاك والدمار، والفساد ظلم مسؤول مستأمن على رعاية البلاد والعباد وهو أيضا ظلم مواطن مسرف مضيع لأمانة ائتمنها. فانتهاب المال العام في غيبة الرقيب فساد وإفساد وتعطيل لمشاريع تنموية وخدمية كان من شأنها إصلاح الشأن العام لو أنها نفذت وفق ما حُدد لها من مواصفات وما رُصد لها من ميزانيات و وُضعت لها من أهداف. فالسرقة والغش والتسيب والجور والخداع مظاهر للفساد تفشيها وانتشارها في المجتمعات الإنسانية مؤشر على تخلفها الحتمي عن ركب التطور والرقي. وما يؤسف له حقيقة تحرق الألباب والأفئدة تبوؤنا مركزاً متقدماً في التصنيف العالمي، رغم أننا مجتمع إسلامي تحارب تشريعاته الإلهية كل مظاهر الفساد وتنزل بمتسببيه وممارسيه أقسى العقوبات، وخوّل ضعفاء النفوس بممارسته كل ما غابت عنهم عين الرقيب وسنحت لهم الفرص بذلك. تلك الميزانيات الضخمة التي ضختها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – في خزانات أجهزتنا الوزارية لم يهدرها ويصيرها هشيماً تذروه الرياح إلا الفساد قاتله الله. فهل من قضاء عاجل عليه وضرب بيد من حديد على ممارسيه والمتسببين في انتشاره واستشراء خطره الماحق لخيراتنا وإمكاناتنا الوفيرة.