في سماء مُلبدة بالغيوم، حسب ما وصفها مسؤول كويتي رفيع المستوى أمس، تنطلق اليوم في العاصمة الكويتية أعمال الدورة ال25 لجامعة الدول العربية، وسط أجواء تكتنفها خلافات عربية – عربية، تبدأ من مخالفة دولة قطر للتوجهات الخليجية العربية، بدعمها جماعات محظورة، وصولاً إلى الملف السوري، الذي يزداد تعقيداً بسبب رفض دول عربية تعمل على عرقلة تسليم مقعد سورية في الجامعة العربية للائتلاف الوطني السوري، الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، ومواصلة نظام دمشق مسلسل التمثيل بالشعب السوري. رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، اعترف بعمق الخلافات العربية العربية، ووصف الظروف التي تمر بها المنطقة بأنها "عصيبة"، مُعوِّلاً في ذات الوقت، على جهود قال إن أمير الكويت يبذلها، من الممكن أن تؤدي لحل الأزمة. وقال في تصريحات صحفية: "القمة العربية تنعقد في دولة الكويت لأول مرة، وسط أوقات عصيبة تمر بها المنطقة العربية. ومن هذا المنطلق يعمل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على إذابة جليد أي خلاف عربي- عربي". وعدّ الغانم بلاده تعمل على إيجاد حلول من شأنها تطويق الخلافات العربية - العربية. واستدرك بالتحذير من الإسراف في التوقعات قائلاً: "علينا أن لا نحمل أمير البلاد أكثر من الممكن سياسياً، فالأمور المتعلقة بالخلافات السياسية العربية سياقية، وترتبط بملفات متشابكة ومعقدة". ويبرز على السطح، الخلاف الخليجي، الذي أنتج سحب سفراء 3 دول خليجية من العاصمة القطريةالدوحة، نظير سيرها خلافاً للمنهج الخليجي، الذي يرتكز على عدم التدخل في شؤون الغير هذه المرة على طاولة القمة العربية، في سابقة هي الأولى من نوعها. من جهته، استبعد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي حصول مصالحة في القمة. وقال في مؤتمر صحفي: "لا أتوقع أن نخرج من قمة الكويت والأطراف مقتنعة بأن الأمور تمت تسويتها، لأن الجرح عميق"، وأضاف: "حتى إذا توصلنا إلى صيغة، وهذا مستبعد. نحتاج جميعاً إلى فترة لكي نقيم ترجمة هذه الصيغة إلى التزام حقيقي بمواقف وخطوات تنفيذية تعكس تغييراً في السياسات". وأكد فهمي أنه لم يلتق نظيره القطري خلال الاجتماعات التحضرية للقمة التي تستضيفها الكويت اليوم وغداً. وأعرب عن أمله بأن تشهد القمة بداية معالجة حقيقية للقضايا العربية، "لأن عملية المصالحة الوقتية لا تنفع. والقضايا أعمق من هذا". وتوترت العلاقات بين قطر ومصر بسبب ما تبديه الدوحة من دعم لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المعزول محمد مرسي، وأعلنتها الحكومة المصرية جماعة إرهابية في ديسمبر الماضي. وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين قد سحبت سفراءها من الدوحة أوائل الشهر الجاري، احتجاجاً على تدخل قطر في شؤونها الداخلية. وقالت مصر إن سفيرها لدى قطر الذي استدعي إلى القاهرة الشهر الماضي، لن يعود إلى الدوحة حالياً. خبراء: "الدورة ال25" ستكافح "الإرهاب" القاهرة: هاني زايد أكد عدد من السياسيين المصريين في تصريحات إلى "الوطن"، أهمية انعقاد قمة "الكويت"، خاصة وأنها تأتي في توقيت تشهد فيه المنطقة العربية تحديات كبيرة، سواء فيما يتعلق بالشؤون الداخلة لتلك الدول، أو فيما يعلق بالملفات الخارجية. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، السفير إيهاب بدوي، إن "قرار الرئيس المستشار عدلي منصور بمشاركة مصر في القمة، يؤكد حرص مصر على استعادة دورها القيادي في المنطقة، وهذا الدور تفرضه اعتبارات القومية العربية وثقلها الإقليمي، فضلاً عما لديها من مقومات تملي عليها الاضطلاع بمسؤولياتها إزاء وطننا العربي". وأضاف بدوي أن "مصر ستظل قلب العالم العربي، وهي تدرك تماما أن المنطقة العربية تمر بمرحلة فارقة وظروف دقيقة، فبالإضافة إلى قضايا الأمة العربية المركزية والمعاصرة، هناك عبء مكافحة الإرهاب، وما تتعرض له العديد من الدول العربية من مخاطر وتحديات تهدد أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، فضلاً عن أمن واستقرار المنطقة ككل". وأشاد رئيس حزب "النصر الصوفي" المهندس محمد صلاح زايد، بمواقف دول مجلس التعاون الخليجي، لتأييدها لثورة 30 يونيو، مضيفا أن "الدعم المادي والمعنوي الذي قدمته المملكة العربة السعودية والإمارات والكويت لمصر أسهم في إنجاح خارطة الطريق، في الوقت الذي تكالب فيه الغرب لإجهاض الثورة، ليقينهم بأهمية مصر بالنسبة للعالم العربي". وقال زايد إنه "لا بد أن تخرج الدول المشاركة بقرار موحد للوقوف بجانب الدول العربية التي أصابها مشروع التقسيم والفوضى، أمنياً وسياسياً واقتصادياً، حتى تسترد عافيتها ويستقر أمنها وتلحق بركب الوحدة العربية، وأن تأخذ في الحسبان أن هناك دولاً عربية مثل ليبيا وتونس ليس بينها وبين جيرانها أية مشاكل على المستوى الحكومي. وأكد عضو مجلس الشعب السابق، حمدي الفخراني، على أهمية التوقيت الذي تعقد فيه القمة، مؤكداً أنه ومعه أكثر من 120 نائباً سابقاً، سبق لهم أن أرسلوا برسالة إلى قادة الدول المشاركة في القمة للمطالبة ب"سرعة إنشاء المجلس العربي للأمن القومي والدفاع المشترك والعمل على رأب الصدع في العلاقات العربية العربية". وقالت الأمين العام المساعد للمجلس القومي للمرأة مارجريت عازر، إنه "لا يخفى على أحد من أبناء الشعب العربي ما يحاك لوطننا من خطط تفكيك وتقسيم الدول العربية وتكريس التجزئة والتهميش بإثارة النعرات الطائفية والعرقية والعصبية والسياسية لإعادة استعمارها وسلب ثرواتها وهو ما تم بالفعل من تجزئة بعض الدول ووضع دول أخرى في وضعية الانقسام، والجزء الثالث أمام صراع سياسي تمهيداً لانهياره وتفتيته".