مع بدء التطبيق الفعلي للتشريعات الخاصة بمحاصرة المنتمين للأحزاب والتنظيمات الإرهابية، برز عدد من المخاوف لدى المختصين من مغبة مراوغة بعض المعروفين بتلك التوجهات من ممارسة الخديعة والمكر عبر لبس "ثوب الاعتدال". الجماعات الحزبية المتطرفة في السعودية أخذت بخطيها القطبي والسروري في السنوات الماضية مساحة واسعة من الحرية لبث فكرها ومنهجها المتطرف في أوساط المجتمع السعودي، خاصة الشباب تحت مسمى الدين والدعوة، حتى سيطرت على عقول وأفكار الشباب واستغلت حماسهم للدين للزج بهم في أماكن الصراع وجعلتهم صيدا سهلا لهم من خلال فتاواهم المضلة. امتطت تلك الجماعات مسمى الصحوة قناعا لها، لكسب العامة والشباب، لكن المسمى يختلف مع الفعل، وبعد سقوط القناع انكشف منهجا حتى عرف البعض دعاوى تلك الجماعات التي تشبعت عقولها بفكر الإخوان المسلمين السياسي الحركي. القرار الملكي، الذي أصدرت وزارة الداخلية أول من أمس التشريعات الخاصة بتطبيقه، جاء منقذا للشباب من قبضة دعاة الفتنة والضلال إذ ينص على أن عقوبة من يذهب لأماكن القتال بالسجن من ثلاث سنوات إلى مدة لا تزيد على عشرين عاما، ومحاسبة من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت أو الانتماء للتيارات والجماعات الحزبية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كجماعات إرهابية داخليا أو إقليما أو دوليا أو تأثيرها أو تأييد فكرها أو منهجها بأي صورة كانت أوتقديم أي شكل من أشكال الدعم المعنوي لها أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة. هذا القرار قض مضجع عدد من دعاة الحزبية حتى أصبحوا يظهرون الاعتدال والوطنية، والبعض الآخر نفى وجود الإسلام السياسي، وهو بذلك يخالف حقيقة ما انكوى به بعض الشعوب العربية من حروب وثورات وصفت بالربيع العربي، والذي كان للإسلام السياسي له اليد الطولى في تلك الحروب. عضو لجنة المناصحة بمنطقة القصيم الشيخ عبدالعزيز الخليفة، علق على كل ذلك بالقول "إن الدولة السعودية حليمة وحكيمة لكن الحلم له حدود وإن القرار يعطي من كانت له توجهات غير سوية وينتمي لبعض الجماعات فرصة أن يراجع نفسه. وأضاف الخليفة بالقول إن ظهور بعض المنتمين للجماعات بعد القرار الملكي بثوب الاعتدال والوطنية نوع من أنواع المكر والخديعة فيجب الحذر منهم، لكن التلون ديدن هؤلاء الحزبيين وما حصل من فتاوى مضلة زجت بشبابنا هي بلا شك تحرج الدولة أمام المجتمع الدولي باعتبار من يقاتلون سعوديين". ودعا الخليفة بعض الحزبيين الذين أصبحوا يظهرون الاعتدال أن يعلنوا توبتهم مما كانوا عليه سابقا أمام الملأ. الشيخ عبدالرحمن العبداللطيف، إمام وخطيب مسجد الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ببريدة وصف القرار الملكي الأخير والتشريعات التي أصدرت لتطبيقه بأنها "مهمة جدا" في ظل من يخرجون إلى الخارج باسم الجهاد ويحرجون المملكة أمام المجتمع الدولي، ويكونون حجة للدول المعادية للملكة العربية السعودية، وبين العبداللطيف أن الجهاد معقود بولي الأمر فليس لأحد التصرف به غير ولي الأمر، لافتا إلى أن الذين يذهبون إلى أماكن الصراع يفجعون أهاليهم ويشتتون أسرهم من خلال ذهابهم لتلك الأماكن.