يعتلي مساء اليوم منصة التوقيع في معرض الرياض الدولي للكتاب، وزير الصحة السابق الدكتور حمد بن عبدالله المانع لتوقيع كتاب مذكراته "لكم وللتاريخ سيرة وزارية صريحة". الكتاب يتناول الأحداث والقرارات المهمة والبارزة خلال 6 سنوات، وهو يتقلد حقيبة الصحة الوزارية أحد أكثر الوزارات الخدمية تماساً مع حياة الناس وتعرضاً للانتقاد. جاء الكتاب في 250 صفحة تقريباً، مقسم على فصول تختلف في حجمها، ولكل فصل عنوان خاص، تحت كل عنوان اقتباس يحمل دلالة على مضمونه، ويكثر المؤلف من الاستشهاد بمقولات من حضارات مختلفة؛ فضلاً عن وقفات يراها مناسبة للتذكير بعبرة إدارية أو حياتية تفيد من ينشد الإنجاز ويروم النجاح. ولم يكن في حسبان المؤلف أن يكتب سيرته يوماً ما، لما في ذلك من مشقة؛ فضلاً عما يعتري الكتابة من ضرورة التعرض لأحداث وأشخاص تفاعلت مع صاحب السِّيرة؛ سلباً أو إيجاباً، لكنه تلبية لطلب أصدقائه، ورغبة في تحقيق المنفعة العامة، قرر أن يعكف على تدوين سيرته الوزارية متعهداً بثلاثة أمور: الصدق، والمحافظة على أسرار الدولة، ونسبة الإنجاز للفريق المشارك معه دون أن يتهرب من مسؤولية أي خطأ كان خلال فترته الوزارية. وقبل أن يتحدث عن تجربته في الوزارة عرج على إفادته من قربه الإداري في مجلس منطقة الرياض من الأمير سلمان - أمير الرياض آنذاك -، وذكر بعض التجارب التي عادت عليه بالفائدة الإدارية والإنسانية، ثم طالب الوزراء بتدوين أعمال وزاراتهم خلال الفترة التي قضوها على مقعد الوزارة، لأن هذا من حق الوطن وأجياله، وليتهم أن يستجيبوا لمقترحه بصدق وتجرد. ومن محتويات الكتاب قصص تأخذ القارئ معها، وتنفي عنه الملل، فمنها موقف الوجيه المتعالي، و يتحدث المؤلف عن بعض المواقف المؤلمة عن بعض من شارك في اجتماعات الوزارة أنكر وجود شيء اسمه الحزام الصحي ضمن رؤية الوزارة! وقد يكون الإنكار متسقاً مع موقف الوزير الخلف من هذه الفكرة وغيرها، وأياً كان فإن المواطن سيسعد حين يعلم أن للوزارة رؤية معلنة، يراها كل من يدخل إلى غرفة الاجتماعات. وواقعة استرجاع أرض الوزارة بالقوة، وتفاصيل قرار منح موظفي مشافي الوزارة إجازة نهاية الأسبوع أسوة بموظفي الدولة، وضغوط السفارات الأجنبية على الوزارة لرفع أسعار الأدوية، وحرب التبغ ومقاضاة شركاته، وقراران أثارا جدلاً؛ أحدهما خاص بمنصب مدير مشفى العيون التخصصي؛ والثاني بمراكز الأعمال، ثم معضلة ندرة وجود أراض لمشاريع الوزارة . ومن الفصول المؤثرة النقاش تحت قبة مجلس الشورى مع عضو كان مديراً عاماً في الوزارة، والسجال مع عدد من الوزراء - مجتمعين أو منفردين- حول بعض أعمال الوزارة، والمواقف الإعلامية التي تعرض لها الوزير مابين تصريح منحول يضطر لتكذيبه، وحكاية مريضتي الإيدز التي ناقشها بإسهاب، مروراً بفاجعة استئصال رحم الأمة وما خلف أكمتها! ووفاة رزان طفلة جازان، وما جرى للمذيع مع الحاضنة، وصولاً إلى فرية تعرية مرضى شهار، ثم واقعة طفلي نجران التي شغلت الرأي العام السعودي والتركي، وانتهاء بجلوس أصغر أنجال الوزير على منصة المؤتمر! ولا يترك المانع قارءه دون أن يرسم البسمة على شفتيه بأحداث طريفة، مثل القبض عليه من قبل عشر سيارات شرطة في إحدى الليالي،، وعصا العم ودران الغليظة التي كادت أن تقع عليه لولا ستر الله، ومما يبهج القارئ سرد خطوات اتخاذ أسرع قرار في تاريخ مجلس الوزراء، حيث صدر أمر إلزامي بالفحص الطبي قبل الزواج استجابة لصرخات طفل في خميس مشيط ظلت تدوي في مسامع الوزير ذات ليلة من ليالي التجوال.