لم يسعدني الحظ بمشاهدة حديث العالم الجليل الدكتور عبدالله بن بيه في برنامج القناة الأولى السعودية "همومنا"، إلا أنني طالعت زبدة الحديث فيما نشرته هذه الصحيفة السبت الفارط. وقد لفت انتباهي بشدة وصفه للفتنة التي تمر بها الأمتان الإسلامية والعربية، بأنها تحدث "وكأنه ليس للأمة عقلاء وحكماء وراشدون"! وهو الوصف الحقيقي الدقيق لمجريات الظرف الراهن، يستنهض به ذمم علماء الأمة وحكمائها لمحاربة الفتنة، محذراً من التفكير السطحي الذي لا يدرك أبعاد الأزمة ولا يقوى على دحضها، مطالباً العلماء الشرعيين بأن يكونوا طرفاً وسيطاً في هذه الصراعات لا خصماً فيها، حيث مهمة العلماء - الحقيقيين- هي المصالحة والدعوة إلى الخير، وداعياً إلى تجاوز "فكر الحزبية" والأنانية، والنزاعات والرؤى الضيقة، باعتبارها - مهما حسنت النوايا عند البعض - مدعاة للفرقة والدمار وتخلف الأمة والوطن عن قطار العصر. وهكذا يرسم أستاذ الفقه الإسلامي، رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن، عضو المجامع الفقهية، وأستاذ الدراسات والعلوم الإنسانية في جامعة المؤسس، طريق النجاة مما يحاك للمجتمَعَين الإسلامي والعربي من مؤامرات التدمير والتقسيم، مستهدفين الإسلام والمسلمين، بدافع فوبيا الخوف التي استقرت في ذهنية أولئك المتآمرين عنا، بفعل القلة من الخوارج، الذين لم تسلم من شرهم أوطاننا. ولعل ما أثار همي واهتمامي بإعادة طرح هذا الفكر الراشد الرشيد المخلص لدينه وأهله، مشاركتي السبت الذي قبله في نقاشات هذه الصحيفة (الوطن) حول أباطيل القرضاوي في دفاعه عن المتحزبين تحت مسمى الإسلام، والمنبثين في ثنايا أوطاننا العربية والإسلامية، تحت غطاء تنظيم عالمي ينفذ - بكلتا يديه - كل ما يخدم المؤامرة علينا، في مقايضة - مع المتآمرين - بالكرسي الذي منحوه لمرسي ففشل، لكنه يصمم حتى الآن على استحقاقه وإِن على أنقاض وطن! وهكذا يدحض ابن بيه حجج المتحزبين ويحذر الأمة ألا تنخدع بظواهر دعواهم الباطلة بواطنها. ولا شك أن الحزب المسمى (الإخوان المسلمون)، هو الأخطر على الساحة الآن، من حيث الانتشار، ولبوس الدين لخداع العامة والبسطاء، ويثير الفتن في غير مكان، الأمر الذي يدعونا جميعاً إلى المزيد من الحذر والتحذير، والتصدي لمشروع هذا الحزب الخطير. وأخيراً .. ونحن الدولة الوحيدة في العالم، التي تقوم على الشريعة الإسلامية، والتي تخدم الإسلام والمسلمين في كافة أرجاء الأرض، هل نحن في حاجة لحزب يعلمنا الإسلام؟! لقد كفانا الجواب عن هذا السؤال مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز _طيب الله ثراه_ حين قَدِم إليه "حسن البنا" يعرض عليه تأسيس فرع لهذا الحزب في المملكة، فبادره على الفور: لا حاجة لنا بهذا، فكلنا إخوان وكلنا مسلمون!