دائما أتساءل.. ماذا لو لم تكن لدينا علاقات.. كيف سيكون شكل حياتنا.. هل ستكون لها نكهة أم أنها ستتشكل في إطار باهت لا معنى له؟ حياتنا مليئة بالعلاقات البسيطة والمعقدة، التلقائية والمجبرة، المتناسقة والمختلفة، المتوائمة والمتنافرة، علاقات بكل شكل، وصداقات بكل لون. من صبحنا حتى المساء نمضي في دروب الحياة وسط خلية نحل من الأفراد والجماعات، نلتقي أصدقاء دراسة، نجتمع مع أصدقاء عمل، وتضيف لنا الحياة أطيافا جديدة، وتسلب منا الحياة أجسادا أخرى لتبقي لنا روحها في السماء. تجبرنا الحياة على بعض العلاقات، ونلتقي بالجار في المسجد المجاور ليلقي علينا سلاما باردا ويتوارى في زحام الحياة. نفرح بالمساء لأنه سيجمعنا بثلة أخرى تشكل أعمق علاقاتنا لأنها ثلة قد اخترناها بعناية، فهنالك التوافق الرائع، وهنالك الاختلاف الجميل، وهنالك التعدد في العقول، هناك حتما تكون الفكرة أجمل وأكمل. وفي المقابل، لهذه العلاقات نواح أخرى لدى الكثير منا، ففيها سوء الظنون، كما قالت تلك الشاعرة (لأننا نتقن الصمت حملونا وزر النوايا)، وهنالك منحى آخر في العلاقات عند من يعتقد أن العلاقة تحتم اللقاء اليومي وإلا ذبلت وانهارت وكأنه لم يسمع قول الإمام أحمد بن حنبل حينما قال (هنالك أناس لا نلتقيهم في العام إلا مرة نحن أوثق بمودتهم ممن نلتقيهم كل يوم) لأن هنالك بعض العلاقات لا تزدان إلا بالابتعاد الجميل، وكما يقول المثل (المتجاورين متخاصمين). هنالك نوع مضطرب قلق لا يهنأ ولا يرتاح، علاقاته ممتلئة بالشك والخوف، يعيش مجبرا عليهم ويموت راكضا خلفهم. هنالك من انطوى عن الجميع وانزوى في مخبئه ينتظر صديقا جديدا ربما يتحفه به القدر ذات يوم.